للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[مضمون ما ذكر]]

ومضمون ما ذُكِرَ من أشراط الساعة في هذا الحديث يرجع إلى أن الأمورَ تُوَسَّدُ إِلى غير أهلها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن الساعة:

"إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانتظِر السَّاعَةَ" (١).

[[وأدلة ذلك]]

فإنه إذا صار الحفاة العراةُ رِعاءُ الشاءِ، وهم أهل الجهل والجفاء رءوسَ الناس وأصحابَ الثروة والأموال حتى يتطاولوا في البنيان فإنه يفسد بذلك نظام الدين والدنيا؛ فإنه إذا رأس الناسَ من كان فقيرًا عائلا فصار ملكًا على الناسِ سواء كان ملكه عامًّا أو خاصًّا في بعض الأشياء، فإنه لا يكاد يعطي الناس حقوقهم بل يستأثر عليهم بما استولى عليه من المال؛ فقد قال بعض السلف: "لأن تمد يدَك إلى التِّنِّين فَيَقْضِمَهَا خَيْرٌ لك من أن تَمُدَّها إِلى يد غَنيٍّ قد عالج الفقر" (٢).

وإذا كان مع هذا جاهلًا جافيًا فسد بذلك الدين؛ لأنه لا يكون له همة في إصلاح دين الناس ولا تعليمهم، بل همته في جباية المال واكتنازه ولا يبالي بما فسد من دين الناس، ولا بمن ضاع من أهل حاجاتهم.

وفي حديث آخر:

"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَبِيلةٍ مُنَافقُوها" (٣).

وإذا صار ملوك الناس ورءوسهم على هذه الحال انعكست سائر الأحوال فَصُدِّقَ الكاذب، وكُذِّبَ الصادق، واؤُتمِنَ الخائن، وخُوِّنَ الأَمين، وتَكَلَّم الجاهل، وسَكَتَ العَالِمُ، أو عُدِمَ بالكلية.

كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب العلم: باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل ١/ ١٤١ - ١٤٢ بسياقه وقصته وطرفه: ٦٤٩٦.
(٢) هذا قول سفيان الثوري أورده أبو نعيم في الحلية ٧/ ٢٢ في ثنايا ترجمته الضافية له؛ لكن باختلاف يسير ونصه عنده: "لأن تدخل يدك في فم التنّين خير لك من أن ترفعها إلى ذي نعمة قد عالج الفقر".
(٣) أورده الهيثمي في المجمع ٧/ ٣٢٧ عن البزار والطبراني من طريقين ضعيفين عن عبد الله بن مسعود وعن أبي بكرة مرفوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>