للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَسْألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه.

[[الحاجة الحقيقية إلى فهم ما تم الإخبار به]]

ومعنى هذا: أن جميع ما يحتاج إليه المسلمون في دينهم لابد أن يبينه الله في كتابه العزيز، ويبلِّغ ذلك رسولُهُ - صلى الله عليه وسلم - عنه، فلا حاجة بعد هذا لأحد في السؤال، فإن الله تعالى أَعْلم بمصالح عباده منهم، فما كان فيه هدايتهم ونفعهم فإن الله تعالى لابد أن يبينه لهم ابتداء من غير سؤال كما قال {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} (١).

وحينئذ فلا حاجة إلى السؤال عن شيء، ولا سيما قبل وقوعه، والحاجة إليه. وإنما الحاجة الهمة إلى فهم ما أخبر الله به ورسوله، ثم اتباع ذلك والعمل به.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن السائل فيحيل على القرآن كما سأله عمر عن الكلالة فقال يكفيك آية الصيف (٢) وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره، واجتنات نهيه شغلا عن المسائل فقال:

"إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيء فَاجْتَنبُوهُ وإذَا أَمَرْتُكُمْ بَأَمْرٍ فَأتُوا مِنهُ مَا اسْتَطعْتُمْ".

[[ماذا على المسلم؟]]

فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام: أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يجتهد في فهم ذلك والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك لا إلى غيره.

[[هكذا كانوا]]

وهكذا كان حال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة.


(١) سورة النساء ١٧٦.
(٢) هي قوله تعالى في آخر سورة النساء: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} الآية وكان نزولها في فصل صيف فلهذا سميت آية الصيف. وقد أورده:
ابن كثير في التفسير ١/ ٥٩٢ - ٥٩٣ وهو عند أحمد في المسند ١/ ١٩٢، ٢٣١ (المعارف مطولا) ومختصرًا ٢٦٩ بإسناد صحيح كما ذكر محققه العلامة الشيخ شاكر، ومسلم: كتاب الفرائض: باب ميراث الكلالة ٣/ ١٢٣٦.
وابن ماجه في السنن: الفرائض: باب الكلالة ٢/ ٩١٠ ولفظها: يا عمر! تكفيك آية الصيف، ولفظ أحمد في الموضعين: تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء، ولفظ مسلم: يا عمر! ألا تكفيك آية الصيف … الحديث. ولفظ المطبوعة من تفسير ابن كثير. يكفيك بالياء. وهي في طبعتي المسند بالتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>