للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرج ابن أَبي حاتم من حديث ابن لهيعة قال: حدثني عطاء بن دينار عن سعيد ابن جبير في قول الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (١) قال: كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أَعطوه فيجيء المسكين، فيستقلون أَن يعطوه تمرة وكسرة وجوزة ونحو ذلك، فيردونه ويقولون: ما هذا بشيء إِنما نؤجر على ما نُعطِي ونحن نُحبه؟!.

* * *

* وكان آخرون يرون (٢) أنهم لا يلامون على الذنب اليسير. مثل الكذبة، والنظرة، والغيبة، وأَشباه ذلك. يقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر. فرغبهم الله في القليل من الخير أَن يعملوه، فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر، فإنه يوشك أَن يكثر فنزلت: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} يعني وزن أَصغر النمل: {خَيْرًا يَرَهُ} يعني في كتابه، ويسرّه ذلك. قال: يكتب لكل برّ وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة، وبكل حسنة عشر حسنات، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمن أَيضًا بكل وأحدة عشرا، فيمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة (٣).

* * *

[[كيف تكون المقاصة؟]]

* وظاهر هذا أَنه تقع المقاصة بين الحسنات والسيئات، ثم تسقط الحسنات المقابلة للسيئات، وينظر إِلى ما يفضل منها بعد المقاصة. وهذا يوافق قول من قال: بأَن من رجحت حسناته على سيئاته بحسنة واحدة أثيب بتلك الحسنة خاصة، وتسقط باقي حسناته في مقابلة سيئاته، خلافا لمن قال يثاب بالجميع، وتسقط سيئاته كأَنها لم تكن. وهذا في الكبائر.

* * *

* أَما الصغائر فإِنه قد تمحى بالأَعمال الصالحة مع بقاء ثوابها كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا أَدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره،


(١) سورة الزلزلة: ٧.
(٢) في المطبوعة: "وكانوا يرون".
(٣) أورده عنه ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>