للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانْه عن المنكر؛ فإن لم تطق ذلك فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا من خيرٍ" (١).

* * *

فليس الكلام مأمورًا به على الإِطلاق، ولا السكوت كذلك، بل لابد من الكلام بالخير، والسكوت عن الشر.

* * *

[[الصمت عن الشر فضيلة محمودة].]

وكان السلف كثيرًا يمدحون الصمت عن الشر، وعما لا يعني؛ لشدته على النفس ولذلك يقع الناس فيه كثيرًا، فكانوا يعالجون أنفسهم، ويجاهدونها على السكوت عما لا يعنيهم.

• قال الفُضَيْل بن عياض: "ما حجَّ ولا رباط ولا جهاد أشدَّ من حبس اللسان! ولو أصبحت يهمك لسانُك أصبحتَ في غم شديد".

• وقال: "سَجْن اللسان سِجْن المؤمن، ولو أصبحت يهمك لسانك أصبحت في غم شديد" (٢).

* * *

• وسئل ابن المبارك عن قول لقمان لابنه (٣): "إن كان الكلام عن فضة فإن الصمت من ذهب؟! " فقال: "معناه: لو كان الكلام بطاعة الله من فضة، فإن الصمت عن معصية الله من ذهب!؟ ".

وهذا يرجع إلى أن الكف عن المعاصي أفضل من عمل الطاعات، وقد سبق القول في هذا مستوفى.

* * *

• وتذاكروا عند الأحنف بن قيس أَيما أَفضل: الصمت أَو النطق؟ فقال قوم: الصمت أَفضل، فقال الأحنف: النطق أَفضل؛ لأن فضل الصمت لا يعدو صاحبه،


(١) مسند أحمد ٤٠/ ٢٩٩ (الحلبي). والإحسان ١/ ٢٩٦ ح ٣٧٥ بنحوه وبسياقه تامًّا وأورده الهيثمي في المجمع ٤/ ٢٤٠ وقال: رواه أحمد ررجاله ثقات.
(٢) الصمت لابن أبي الدنيا ح ٦٣١. والحلية لأبي نعيم ٨/ ١١٠.
(٣) ونسب إلى عيسى وسليمان وانظر الصمت ح ٤٧ والتعلق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>