للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (١).

فذلك مقام فضل وإحسان، وليس بواجب.

ولو علم الضيف أنهم لا يضيِّفونه إلا بقوتهم وقوت صبيانهم، وأن الصبية يَتأَذُّون بذلك، لم يَجُز له استضافتهم حينئذٍ، عملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل له أن يُقِيم عنده حتّى يُحْرجَه" (٢).

[[على من تجب الضيافة؟]]

• وأيضًا فالضيافة نفقة واجبة، ولا تجب إلا على مَن عنده فضل عن قُوته، وقُوت عياله، كنفقة الأقارب، وزكاة الفطر.

• وقد أَنكر الخطابي تفسير تَأَثُّمه بأن يقيم عنده ولا شيء له يَقْريه به، وقال: أراه غلطًا. وكيف يأَثم في ذلك وهو لا يتسع لقِراه، ولا يجد سبيلًا إليه؟ وإنما الكُلْفة على قدر الطاقة. قال: وإنما وجه الحديث أنه كُره له المقام عنده بعد ثلاث؛ لئلا يضيق صدره بمكانه، فتكونَ الصدقة منه على وجه المنِّ والأذى؛ فيبطل أجره.

وهذا الذي قاله: فيه نظر؛ فإنه قد صح تفسيره في الحديث بما أنكره. وإنما وجهه إنه إذا أقام عنده ولا شيء له يَقْريه به (٣) فربما دعاه ضيقُ صدره به وحَرَجُه إلى ما يأْثم به في قول أو فعل. وليس المراد أنه يأْثم بترك قِراه مع عجزه عنه. والله أعلم.

* * *


(١) سورة الحشر: ٩ وانظر أسباب نزول القرآن للواحدي ٤٤٥ - ٤٤٦. وهامشه.
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة: باب ما جاء في الضيافة كم هو ٤/ ٣٤٥ من حديث أبي شريح الكعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، وما أنفق بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل أن يثوي عنده حتى يحرجه" وعقب عليه بقوله: هذا حديث حسن صحيح وأبو شريح الخزاعي هو الكعبي وهو العدوي اسمه: خويلد بن عمرو ومعنى قوله: لا يثوي عنده يعني لا يقيم عنده حتى يشتد على صاحب المنزل والحرج هو الضيق، إنما قوله "حتى يحرجه" يقول: حتى يضيق عليه.
وهذا يلتقي مع تفسير ابن رجب لمعنى الحديث ردًّا على الخطابي.
وهو عند البخاري ١٠/ ٥٤٨، ومسلم ٣/ ١٣٥٢ - ١٣٥٣.
(٣) ليست في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>