للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية أُخرى خرّجها الطبراني: "الناس غاديان، فبائع نفسه، فموبقها، وفادٍ نفسَه فمعتقها" (١).

وقال الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٢).

والمعنى: فد أفلح من زكّى نَفْسه بطاعة الله، وخاب مَن دسَّاها بالمعاصي. فالطاعة تُزَكّى النفس، وتطهرها، فترتفع بها، والمعاصي تُدَسِّى النفس، وتَقْمَعُهَا فتنخفض: وتصير كالذي يُدَسُّ في التراب.

* * *

[[دلالة هذا الحديث]]

ودلّ الحديث على أن كل إنسان فهو إما ساعٍ في هلاك نفسه، أو في فِكَاكِهَا؛ فمن سعى في طاعة الله فقد باع نفسه لله، وأعتقها من عذابه، ومن سعى في معصية الله تعالى فقد باع نفسه بالهوان، وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقابه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٣).

وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (٤). وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (٥).

• وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - حين أنزل الله عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٦) - "يا معشر قريش! اشْتَرُوا أنْفسَكُم مِن الله،


(١) أخرج الطبراني هذا النص في الكبير ١٩/ ١٣٥ - ١٣٦ جزء حديث بنحو سياق أحمد وابن حبان. وبعده في هذا الموضع والصلاة برهان، والصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطئة كما يطفئ الماء النار.
وأخرجه بمثله في الصغير ح ٦١٦ وفي الكبير بنحوه ١٩/ ١٤١/ ١٤٥ - ١٤٦ وفيه: "الناس غاديان فمشتر نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فمهلكها". وفي ١٦٢ بنحوه.
وأورده الهيثمي في المجمع ١٠/ ٢٣٠ - ٢٣١ عن أبي يعلى وقال: رجاله رجال الصحيح، وعن الطبراني في الأوسط وقال: رجاله ثقات.
(٢) سورة الشمس: ٧ - ١٠.
(٣) سورة التوبة: ١١١.
(٤) سورة البقرة: ٢٠٧.
(٥) سورة الزمر: ١٥.
(٦) سورة الشعراء: ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>