للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن رجح التداوي قال: إنه حالُ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الذي كان يداوم عليه، وهو لا لفعل إلا الأفضل، وحمل الحديث على الرقى المكروهة التي يخشى منها الشرك، بدليل أنه قرنها بالكيّ والتطير (١)، وكلاهما مكروه.

ومنها ما يخرقه لقليل من عباده (٢) كحصول الرزق، لمن ترك السعي في طلبه.

فمن رزقه اللّه صدقَ يقين وتوكل، وعلم من اللّه أن يَخرقَ له العوائد، ولا يحوجَه إلى الأسباب المعتادة في طلب الرزق ونحوه، جاز له تركُ الأساب، ولم ينكَر عليه ذلك؟ وحديث عمر هذا الذي نتكلم عليه يدل على ذلك، ويدلّ على أن الناسَ إنما يؤتَوْن مِن قلة تحقيق التوكل، ووقوفِهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم، ومُسَاكنتهم لها، فلذلك يُتْعِبون أنفسَهم في الأسباب، ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد، ولا يأتيهم إلا ما قُدّر لهم.

[[لو حقق العبد التوكل بالقلب]]

• فلو حققوا التوكل على اللّه بقلوبهم لساق اللّه إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب، كما يسوق إلى الطير أرزاقَها بمجرد الغدوّ والرواح، وهو نوعٌ من الطلب، والسعي، لكنه سعيٌ يسير.

وربما حرم الإنسان رزقه أو بعضه بذنب يصيبه، كما في حديث ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ العَبْدَ ليحرم الرزق بالذنبِ يصيبه" (٣).

وفي حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن نَفْسًا (٤) لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا اللّه، وأجملوا في الطلب؛ خذوا ما حَلّ، ودعوا ما حَرُم" (٥).


(١) م " الطيرة".
(٢) م: "العامة".
(٣) أخرجه أحمد في السند ٥/ ٢٨٠ (الحلبي) من حديث ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يردُّ القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".
وأخرجه في ٥/ ٢٨٢ بنحوه بتقديم وتأخير، ومن حديث ثوبان أيضًا.
وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٤٩٣ من حديث ثوبان بنحوه وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي وانظر الإتحاف ٥/ ٣٠ والموسوعة ٣/ ١٠٧.
(٤) سقطت من م.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤ من وجهين عن جابر - بنحوه وابن حبان ٥/ ٩٨ بمعناه، والقضاعي في الشهاب ٢/ ١٨٦ ح ١١٥٢.
وللحديث شواهد من أحاديث ابن مسعود، والمطلب بن حنطب، وأبي أمامة.
راجع عنها المستدرك في الموضع المذكور، والرسالة للشافعي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر؛ وسد أوسع وأوعب الكلام عن الحديث ورواياته وشرح السنة ١٤/ ٣٠٢ - ٣٠٥ والتمهيد لابن عبد البر ١/ ٢٨٤، والشهاب للقضاعي ٢/ ٨٥ ح ١١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>