للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما قدم وفد "عبد القيس" على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونهاهم عن الأشْرِبة، والانتباذ في الظروف، قال: "إن أَحَدَكُم ليقوم إلى ابن عمه - يعنى إذا شرب - فيضربه بالسيف" (١).

وكان فيهم رجل قد أصابته جراحة من ذلك، فكان يخبؤها حياء من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فهذا كله يرجع إلى إباحة الدم [بالقتل إقامة لمظان القتل] (٢) مقام حقيقته. لكن هل نُسخَ ذلك أم حكمه باق؟ هذا هو محل النزاع.

وأما ترك الدين ومفارقة الجماعة فمعناه: الإرتداد عن دين الإسلام (٣) ولو أتى بالشهادتين، فلو سب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقرٌّ بالشهادتين أبيح دمه؛ لأنه قد ترك بذلك دِينَه.

* * *

[[حكم من استهان بالقرآن].]

وكذلك لو استهان بالمصحف، وألقاه في القاذورات، أو جحد ما يُعلم من الدين بالضرورة كالصلاة وما أشبه ذلك مما يُخرِج من الدين.

وهل يقوم مقام ذلك ترك شيء من أركان الإسلام الخمس؟.

هذا ينبنى على أنه هل يخرج من الدين بالكلية بذلك أم لا؟.

فمن رآه خروجا عن الدين كان عنده كترك الشهادتين وإنكارهما.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٢٢ - ٢٣ (الحلبي) بسياقه كاملًا وباختلاف يسير فيما أورده ابن رجب مختصرًا وذلك من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن أبي عروبة عن قتادة، عمن لقي الوفد وذكر أبو نضرة عن أبي سعيد أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: إنا حيٌّ من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر، ولسنا نستطيع أن نأتيك إلا في أشهر الحرم فمرنا بأمر إذا نحن أخذنا به دخلنا الجنة ونأمر به أو ندعو من وراءنا فقال: "آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، فهذا ليس من الأربع، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان، أعطوا من الغنائم الخمس، وأنهاكم عن أربع: عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت". قالوا وما علمك بالنقير؟ قال: "جذع ينقر ثم يلقون فيه من القطيعاء أو التمر والماء، حتى إذا سكن غليانه شربتموه، حتى إن أحدكم ليضرب ابن عمه بالسيف". وفي القوم رجل أصابته جراحة من ذلك فجعلت أخبؤها حياء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: فما تأمرنا أن نشرب؟ قال: "في الأسقية التي يلاث على أفواهها" قالوا: إن أرضنا كثيرة الجرذان، لا تبقى فيها أسقية الأدم؟ قال: "وإن أكلته الجرذان" مرتين أو ثلاثًا وقال لأشج عبد القيس: "إن فيك خلتين يحبهما الله عز وجل: الحلم والأناة" ورواه مسلم ١٧، ١٨.
والقطيعاء هو نوع من التمر، أو هو البسر قبل أن يدرك نهاية ٤/ ٨٤.
(٢) ما بين الرقمين ليس في ب.
(٣) ب: "المسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>