ومن فقهاء أهل الرأي من توسع في توليد المسائل قبل وقوعها: ما يقع في العادة منها وما لا يقع، واشتغلوا بتكلف الجواب عن ذلك، وكثرة الخصومات فيه، والجدال عليه، حتى يتولدَ من ذلك افتراقُ القلوب، ويستمرَّ فيها بسببه الأهواءُ والشحناءُ والعداوةُ والبغضاءُ، ويقترن ذلك كثيرًا بنية المغالبة، وطلب العلو والمباهاة، وصرف وجوه الناس.
وهذا مما ذمه العلماء الربانيون، ودلَّت السنة على قبحه وتحريمه.
* * *
[[فقهاء الحديث ومنهجهم الأمثل]]
وأما فقهاء أهل الحديث العاملون به فإن معظم همهم البحث عن معاني كتاب الله عز وجل، وما يفسره من السنن الصحيحة، وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفة صحيحها وسقيمها، ثم التفقه فيها وتفهّمها والوقوف على معانيها، ثم معرفة كلام الصحابة، والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم من التفسير، والحديث، ومسائل الحلال والحرام، وأصول السُّنَّة، والزهد والرقائق وغير ذلك.
وهذا هو طريق الإمام أحمد ومن وافقه من علماء الحديث الربانيين.
* * *
[[من ثمرات هذا المنهج]]
• وفي معرفة هذا شغل شاغل عن التشاغل بما أَحْدَثَ النَّاسُ من الرأي مما لا ينتفع به ولا يقع، وإنما يورث التجادل فيه الخصومات والجدالَ، وكثرةَ القيل والقال.
[[مما قيل عنه]]
• وكان الإمام أحمد كثيرًا إذا سئل عن شيء من المسائل المولَّدات التي لا تقع يقول:"دعونا من هذه المسائل المحدثة".