للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو تصنعُ لأَخْرَقَ" قلتُ: أرأيتَ إن ضعفتُ عن بعض العمل؟ قال: "فكُفُّ شَرَّك عن الناس؛ فإنَّها صَدَقة".

[[والشرط إخلاص النية لله عز وجل]]

وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلتُ: "يا رسول الله! دُلَّني على عمل إذا عَمِلَ به العبد دخلَ الجنة، قال: "يُؤمِنُ بالله" قال: قلتُ: يا رسول الله! إن مع الإيمان عملًا؟ قال: "يَرْضَخُ (١) مما رَزَقهُ الله"، قلت: فإن (٢) كان مُعْدمًا لا شيء له، قال: "يقولُ معروفًا للسانه" قلت: فإن كان عَييًّا لا يُبْلغُ عنه لسانُه قال: "فيعينُ مغلوبًا" قلت: فإن كان ضَعيفًا لا قدرةَ له؟ قال: "فلْيَصْنع لأَخْرَقَ" (٣) قلت: فإن كان أخرقَ؟ فالتفت إليَّ فقال: "ما تريد أن تدَع في صاحبك شيئًا من الخير؟ فلْيَدع الناس من أذاه" قلت: يا رسول الله! إن هذا كلّه لِيَسير!؟ قال: "والذي نفسي بيده! ما من عَبْدٍ يَعملُ بخَصْلةٍ منها يريد بها ما عند الله؛ إلا أخَذَتْ بيده يوم القيامة حتَّى يدخُلَ الجنَّةَ" (٤).

فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلها إخلاص النية كما في حديث عبد الله بن عمرو (٥) الذي فيه ذكر الأربعين خصلة.

وهذا كما في قوله عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (٦).

* * *


(١) الرضخ: العطية القليلة.
(٢) ر: "وإن".
(٣) الخرق: الجهل والحمق،: معنى قوله: "تصنع لأخرق" أي لجاهل بما يجب أن يعمله، ولم يكن في يديه صنعة يكتسب بها، النهاية ٢/ ٢٦.
(٤) الحديث عند ابن حبان في الصحيح: كتاب البر والصلة والإحسان: ذكر الخصال التي يستوجب المرء بها الجنان من بارئه جل وعلا ١/ ٢٩٥ - ٢٩٦ من الإحسان وفيه بعض الاختلافات بألفاظ مقاربة.
(٥) راجع ما رواه أحمد في المسند ٩/ ٢٥٢ (المعارف) بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أربعون حسنة، أعلاها منيحة العنز، لا يعمل عبد أو قال رجل بخلة منها، رجاء ثوابها، أو تصديق موعودها؛ إلا أدخله الله بها الجنة".
والحديث عند البخاري: كتاب الهبة: باب فضل المنيحة ٥/ ١٨٦ - ١٨٧ وفيه: "أربعون خصلة، أعلاهن منيحة العنز، ما من عامل يعمل: بخصلة منها رجاء ثوابها، وتصديق موعودها؛ إلا أدخله الله بها الجنة … الحديث. وعند أبي داود، في كتاب الزكاة: باب المنيحة ٢/ ١٧٥.
(٦) سورة النساء: ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>