للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وفي رواية الإمام أحمدَ وأبي داودَ والترمذي: "بليغة"، وفي روايتهم: أن ذلك كان بعد صلاته الصبح، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يعظ أصحابه في غير الخطَب الراتبة، كخطب الجمع والأعياد؛ وقد أمره الله عز وجل بذلك فقال تعالى: {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} (١) وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (٢)، ولكنه كان لا يديم وعظهم، بل يتخوَّلُهم بها أحيانًا؛ كما في الصحيحين عن أبي وائل، قال: كان عبد الله بن مسعود يذكِّرنا كلَّ يومِ خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! إنا نحب حديثك ونشتهيه، ولودِدْنا أنك حدثتنا كلّ يوم؟ فقال: "ما يمنعني أن أحدِّثكم [كلّ يوم] إلا كراهةُ أن أُمِلَّكُم، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتخوَّلُنَا بالموعظة؛ كراهةَ السآمة علينا" (٣).

* * *

[[البلاغة في الموعظة]]

• والبلاغة في الموعظة مستحسنة؛ لأنها أقربُ إلى قبول القلوب واستجلابِها،

والبلاغة هي التوصُّلُ إلى إفهام المعاني المقصودة، وإيصالُهَا إنى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها، وأفصَحِها، وأحلاها للأسماع، وأوقعِهَا في القلوب.

[[السنة تقصير الخطبة]]

• وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقَصِّرُ خطَبهُ ولا يُطيِلُهَا، بل كان يُبْلِغُ ويُوجِزُ.

• وفي صحيح مسلم عن جابر بن سَمُرةَ رضي الله عنه قال: "كنتُ أُصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت صلاتُه قَصْدًا، وخطبتُه قَصْدًا" (٤).

• وخرّجه أبو داود، ولفظه:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطيل الموعظة يوم الجمعة؛ إنما هي كلمات يسيرات (٥).

وخرّج مسلم من حديث أبي وائل قال:


(١) سورة النساء: ٦٣.
(٢) سورة النحل: ١٢٥.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب العلم: باب عن جعل لأهل العلم أياما معلومة ١/ ١٥٠ ومسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم: باب الاقتصاد في الموعظة ٤/ ٢١٧٣.
ومعنى قوله: "يتخولنا" يتعاهدنا أو يصلحنا.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة ٢/ ٥٩١.
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة: باب إقصار الخطب ١/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>