للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن لم يره خروجًا عن الدين فاختلفوا: هل يلحق بتارك الدين في القتل؛ لكونه ترك أحدَ مباني الإسلام؛ أم لا؟ لكونه لم يخرج عن الدين؟.

* * *

[[حكم الداعي إلى بدعة].]

ومن هذا الباب ما قاله كثير من العلماء في قتل الداعية إلى البدع؛ فإنهم نظروا إلى أن ذلك شبيه بالخروج عن الدين، وهو ذريعة ووسيلة إليه، فإن استخفى بذلك ولم يدع غيره كان حكمه حكم المنافقين إذا استخْفَوْا، وإذا دعا إلى ذلك تَغلَّظ جُرمه بإفساد دين الأمة.

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمرُ بقتل الخوارج وَقَتْلُهُمْ (١)، وقد اختلف العلماء في حكمهم.

فمنهم من قال: هم الكفار فيكون قتلهم لكفرهم.

ومنهم من قال: إنما يقتلون لفسادهم في الأرض بسفك دماء المسلمين، وتكفيرهم لهم؛ وهو قول مالك وطائفةٍ من أصحابنا، وأجازوا الابتداء بقتالهم، والإجهاز على جريحهم.

ومنهم من قال: إن دعوا إلى ما هم عليه قوتلوا، وإن أظهروه ولم يدعوا إليه لم يقاتلوا. وهو نصٌّ عن أحمد - رحمه الله - وإسحاق، وهو يرجع إلى قتال من دعا إلى بدعة مغلظة.

ومنهم من لم ير البداءة بقتالهم؛ حتى يبدوا بقتال أو بما يبيح قتالهم من سفك دم ونحوه كما روي عن علي رضي الله عنه، وهو قول الشافعي وكثيرٍ من أصحابنا.

• وقد روى من وجوه متعددة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل رجل كان يصلي وقال: "ولو قتل لكان أول فتنة وآخرها" (٢).


(١) كالحديث الذي رواه البخاري في كتاب استتابة المرتدين: باب قتل الخوارج والملحدين ١٢/ ٢٨٢ - ٢٨٣ ومسلم في كتاب الزكاة: باب التحريض على قتل الخوارج ٢/ ٧٤٦ - ٧٤٧ كلاهما من حديث أنس بلفظ "سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهما، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة".
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٥/ ٤٢) الحلبي من طريق روح، عن عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - مر برجل ساجد وهو ينطق إلى الصلاة فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد، فقام =

<<  <  ج: ص:  >  >>