للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[سؤال الرسول بين النهي عنه والرخصة فيه]]

• ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخص في السائل إلا للأعراب ونحوهم من الوفود القادمين عليه: يتألفهم بذلك. فأما المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينة الذين رسخ الإيمان في قلوبهم فنهوا عن المسألة، كما في صحيح مسلم (١) عن النواس بن سمعان قال: أَقَمْتُ مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدِينةِ سَنَةً ما يَمْنَعُني من الهِجرَةِ إلا الْمَسْأَلَةُ؛ كان أَحَدُنا إذا هَاجَرَ لَمْ يَسْأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء [قال فسألته عن البر والإثم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البر حسن الخلق. والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"].

* * *

• وفيه أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال: نُهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شيء فَكَان يُعْجِبنَا أَنْ يَجِيء الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ البَادية العَاقلُ، فَيسْأَلَهُ ونَحْنُ نَسْمَع (٢).

* * *

وفي المسند عن أبي أمامة قال: كان الله قد أنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.

قال: فكنا قد كرهنا كثيرًا من مسألته واتقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - قال: فأتينا أعرابيا فرشوناه بُرْدًا (٣) ثم قلنا له: سل النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر حديثا (٤).

وفي مسند أبي يعلى عن البراء بن عازب قال: "إنْ كَانَ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ أُريدُ أنْ أَسْأل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيءٍ فَأتَهَيَّبُ منْهُ وإن كُنَّا لَنَتَمَنَّى الأعراب" (٥).

* * *


(١) في كتاب البر والصلة والآداب: باب تفسير البر والإثم ٤/ ١٩٨٠ ح ١٥ - (٣٥٥٣).
(٢) صحيح مسلم في كتاب الإيمان: باب السؤال عن أركان الإسلام ١/ ٤١ ح ١٠ - (١٢).
(٣) البرد: كساء مخطط يلتحف به وبعد هذا في المسند: فاعتم به حتى رأيت حاشية البرد خارجة من حاجبه الأيمن قال: ثم قلنا له … الحديث ومعنى قوله: رشوناه بردا: حبوناه به راجع المعجم الوسيط ١/ ٤٧.
(٤) مسند أحمد ٥/ ٢٦٦ (حلبي) وفيه بعد هذا: قال: فقال: يا نبي الله. كيف رفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف، وقد تعلمنا ما فيها، وعلمناها نساءنا وذرارينا وخدمنا؟ قال: فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه وقد علت وجهه حمرة من الغضب، قال: فقال: ثكلتك أمك وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف لم يصبحوا يتعلقوا بحرف مما جاءتهم به أنبياؤهم. ألا وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته (ثلاث مرات).
(٥) رواه أبو يعلى في المسند الكبير، انظر المطالب العالية ٣/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>