للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[التحذير من التفوه بما يوبق في حال الغضب]]

* وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنه أَخبر عن رجلين ممن كان قبلنا: كان أحدهما عابدًا، وكان الآخر مسرفًا على نفسه، وكان العابد يعظه فلا ينتهي، فرآه يومًا على ذنب استعظمه فقال: والله لا يغفر الله لك!؟. فغفر الله للمذنب، وأَحْبَط عمل العابد (١).

وقال أَبو هريرة: لقد تكلَّم بكلمة أوبَقَت دنياه وآخرته.

فكان أَبو هريرة يحذر الناس أن يقولوا مثل هذه الكلمة في غضب وقد خرجه الإمام أحمد وأَبو داود (٢).


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب: باب النهي عن البغي ٢/ ٦٩٣ من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كان رجلان من بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يومًا على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي. أبعثت علي رقيبًا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالمًا؟ أو كنت على ما في يدي قادرًا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وفال للآخر: اذهبوا به إلى النار.
فال أبو هريرة: لقد تكلم بكلمة … الخ. وهو صحيح في صحيح السنن ٤٠٩٧.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٣٢٣، ٣٦٣ بسياقه كاملًا في أول الموضعين، ومختصرًا في ثانيهما، وسياق الأول من حديث أبي عامر، عن عكرمة بن عمار، عن ضمضم بن جوس اليمامي، قال: قال لي أبو هريرة: يا يمامي لا تقولن لرجل: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة أبدًا؟ قلت: يا أبا هريرة إن هذه لكلمة يقولها أحدنا لأخيه وصاحبه إذا غضب؟ قال: فلا تقلها؛ فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: كان في بني إسرائيل رجلان كان أحدهما مجتهدًا في العبادة، وكان الآخر مسرفًا على نفسه، فكانا متآخيين فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب، فيقول: يا هذا أقصر فيقول: خلني وربي، أبعثت عليّ رقيبًا؟ قال: إلى أن رآه يومًا على ذنب استعظمه فقال له: ويحك أقصر قال: خلني وربي أبعثت عليّ رقيبًا؟ قال: فقال: والله لا يغفر الله لك أولًا يدخلك الجنة أبدًا؟ قال أحدهما: قال: فبعث الله إليهما ملكًا فقبض أرواحهما واجتمعا فقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: أكنت بي عالمًا؟ أكنت على ما في يدي خازنًا؟ اذهبوا به إلى النار قال: فوالذي نفس أبي القاسم بيده لتكلم بالكلمة أوبقت دنياه وآخرته".
وقد أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأدب في الموضع الآنف من طريق محمد بن الصباح بن سفيان، عن علي بن ثابت، عن عكرمة بن عمار. عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة، وفي آخره: "والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".
وهذه الجملة من أبي هريرة تمثُّلٌ منه بكلمة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - كما رواها الإِمام أحمد فهي عند أبي داود في حكم المرفوع وعن درجة الحديث قال المنذري: "في إسناده عن علي بن ثابت الجزري، وقال الأزدي: ضعيف الحديث: وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال ابن معين: ثقة. وقال: أبو زرعة: ثقة لا بأس به". وإذا فالحديث حسن. وانظر عون المعبود ١٣/ ١٦٦ - ١٦٧.
ورواية أحمد للحديث من غير طريق علي بن ثابت في الموضعين والكلمة الموبقة هي جزمٌ بعدم المغفرة ونفيه دخول الجنة وإقسامه على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>