للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن غيرهم أيضًا.

* * *

[[بماذا تبطل المعاملات؟]]

• وأما المعاملات كالعقود والفسوخ ونحوهما فما كان منها تغييرًا (١) للأوضاع الشرعية كجعل حَدِّ الزنا عقوبةً مالية، وما أشبه ذلك؛ فإنه مردود من أصله لا ينتقل به الملك؛ لأن هذا غير معهود في أحكام الإسلام.

ويدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للذي سأله: إن ابني كان عسيفًا (٢) على فلان؛ فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المائة شاة والخادم ردٌّ عليكَ، وعلى ابنكَ جلدُ مائة وتغريبُ عام" (٣) وما كان منها عقدًا منهيًّا عنه في الشرع إما لكون العقود عليه ليس محلا للعقد، أو لفوات شرط فيه، أو لظلم يحصل به للمعقود معه أو عليه (٤)، أو لكون العقد يشغل عن ذكر اللّه عز وجل الواجب عند تضايق وقته أو غير ذلك - فهذا العقد هل هو مردود بالكلية لا ينتقل به الملك أم لا؟.

[[اختلاف الروايات في ذلك]]

وهذا الموضع قد اضطرب الناس فيه اضطرابا كثيرًا، وذلك أنه ورد في بعض الصور: أنه مردود لا يفيد (٥) المِلْك، وفي بعضها: أنه يفيده فحصل الاضطراب فيه بسبب ذلك.

[والأقرب: التفريق بين ما فيه حق اللّه تعالى وما فيه حق الآدمي]:

والأقرب: - إن شاء اللّه تعالى - أنه إن كان النهي فيه لحق اللّه تعالى فإنه لا يفيد


(١) في هـ، م: "مغير الأوضاع".
(٢) العسيف: الأجير.
(٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا: إن رجلًا من الأعراب أتى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول اللّه: أنشدك اللّه إلا قضيت لي بكتاب اللّه. فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب اللّه، وائذن لي، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "قل" قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، وأني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أَنما على ابني جلد مائة، وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب اللّه. الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". قال فغدا عليها، فاعترفت: فأمر بها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فرجمت، راجع صحيح البخاري: كتاب الشروط: باب الشروط التي لا تحل في الحدود ٥/ ٣٢٣، ٣٢٤.
ومسلم في كتاب الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنا ٣/ ١٣٢٤ - ١٣٢٥:
(٤) في هـ، م: "وعليه".
(٥) في هـ، م: "يفيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>