للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وصيته بالقرآن وبأهل بيته عند غدير خُمٍّ]:

• ولما رجع من حجه إلى المدينة جمع الناس بماء بين مكة والمدينة يسمى خُمًّا وخطبهم فقال:

"أيها الناس إنما أنا بَشَرٌ، يوشك أن يأتيني رسولُ ربّي فَأُجِيبَه".

ثم حضَّ على التمسّك بكتاب اللّه، ووصَّى بأهل بيته.

خرّجه مسلم (١).

* * *


(١) حيث قال في صحيحه:
حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مُخْلَدٍ جميعًا عن ابن عُلَيَّة. قال زُهَيْرٌ: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. حدثني أبو حيَّانَ. حدثني يزيد بنُ حيَّانَ. قال: انطلقتُ أنا وحُصينُ بن سبرة وعمرُ بن مسلم إلى زيْد بن أرْقَم. فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيتَ يا زيد خيرًا كثيرًا. رأيتَ رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - وسمعتَ حديثه، وغزوتَ معه، وصليت خلفَه. لقد لقيتَ يا زيدُ خيرًا كثيرًا. حدِّثنا، يا زيدُ! ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: يا ابن أخي! واللّه لقد كبرتْ سني، وقدُم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فما حدَّثتكم فاقبلوا. وما لا، فلا تُكلِّفُونيه. ثم قال: قام رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يوما فينا خطيبًا بماءٍ يُدعى خمًّا بين مكة والمدينة. فحمد اللّه وأَثنى عليه، ووعظ وذكّر. ثم قال: أما بعدُ ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشكُ أن يأتي رسولُ رَبِّي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب اللّه واستمسكوا به: فحثَّ على كتاب اللّه ورغَّبَ فيه. ثم قال: وأهل بيتي. أذكِّرُكُمُ اللّه في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم اللّه في أهل بيتي" فقال له حُصين: ومن أهل بيته يا زيد؟! أليسَ نساؤهُ من أهل بيته؟ قال نساؤة من أهل بيته. ولكن أهل بيته من حُرِم الصدقةَ بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل عليٍّ، وآل عقيل، وآل جَعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حُرِم الصدقة؟ قال: نعم".
وهذا الحديث خرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل علي بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - ٤/ ١٨٧٣.
وقد كان ابن رجب دقيقا حين قال مشيرًا إلى هذا الحديث: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَضَّ على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته".
وهذا هو ما يؤخذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب اللّه فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. يقول زيد بن أرقم بعد هذا: فحث على كتاب الله ورغب فيه" ثم قال: "وأهل بيتي: أذكركم اللّه في أهلى بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي".
ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - وصى بأمرين عظيمين هما كتاب اللّه وأمر بالأخذ به، والاستمساك به وأهل بيته - صلى الله عليه وسلم - وذكر الله في حقهم وما يجب لهم من التوقير والود، وإعظام الحق، إجلالا لمدى ما لهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من صلة قربى، وإكبارا لما يرمزون له من استمرار هذه الصلة سيما حين تكون هي رمزا لبقاء العمل بالكتاب، والالتزام بالسنة، وكما قال ابن تيمية في منهاج السنة ٤/ ٨٥ فإن هذا الحديث ليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب اللّه رهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال: أذكركم الله في أهل بيتي. والأمر بتذكر الأمة لهم يقتضي أن يذكروا ما يجب لهما من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم، وهو أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خم؛ فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمر بشرع نزل إذ ذاك لا في حق علي، ولا في حق غيره، لا إمامته ولا غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>