وأعلم أن من هذه الأحاديث المذكورة ما لا يصح، ولا يعرف به قائل معتبر كحديث "من ضرب أباه فاقتلوه"، وحديث قتل السارق في المرة الخامسة. وباقى النصوص كلها يمكن ردها إلى حديث ابن مسعود؛ وذلك أن حديث ابن مسعود تضمن أنه لا يستباح دم المسلم إلا بإحدى ثلاث خصال.
إما أن يترك دينه ويفارق جماعة المسلمين.
وإما أن يزني وهو محصَن.
وإما أن يقتل نفسًا بغير حق.
فيؤخذ منه أن قتل المسلم لا يستباح إلا بأحد ثلاثة أنواع: ترك الدين، وإراقة الدم المحرّم، وانتهاك الفرج المحرم.
فهذه الأنواع الثلاثة هي التي تبيح دم المسلم دون غيرها.
* * *
[[حكمة قتل المحصن].]
فأما انتهاك الفرج المحرم فقد ذكر في الحديث أنه الزنا بعد الإحصان، وهذا والله أعلم على وجه المثال؛ فإن المحصن قد تمت عليه النعمة بنيل هذه الشهوة بالنكاح؛ فإذا أتاها بعد ذلك من فرج محرم عليه أبيح دمه.
* * *
[[هل يقوم شيء مقام الإحصان؟].]
وقد ينتفي شرط الإحصان، فيخلفه شرط آخر، وهو كون الفرج لا يستباح بحال إما مطلقًا كاللواط، أو في حق الواطئ: كمن وطئ ذات محرم بعقد أو غيره، فهذا
(١) أخرجه الخرائطي في المساوئ ح ٧٩، ٨٠ من وجهين: أحدهما مرسل والآخر منازع في رفعه قال الخرائطي عقب إيراده: وقلت لأبي حازم: إنه (ابن المسيب) قد رفعه إلى أبيه؟ قال: ما أنكره!