للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذل من السائل، والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسئول على دفع هذا الضرر، ونَيْل المطلوب، وجلب المنافع، ودرءِ المضارّ، ولا يصلح الذل والافتقار إِلا للهِ وحده؛ لأنَّه حقيقة العبادة.

[دعاء الإِمام أحمد]:

* وكان الإمام أَحمد يدعو ويقول: "اللهم! كما صُنْتَ وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك".

[[هو القادر وحده]]

* ولا يقدر على كشف الضر، وجلب النفع سواه كما قال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (١)، وقال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (٢) والله سبحانه يحب أَن يُسأَلَ ويُرغبَ إِليه في الحوائج. وَيُلَحَّ في سؤاله ودعائه، ويَغْضَبُ على من لا يسأله، ويستدعي من عباده سؤالَهُ وهو قادِر على إِعطاءِ خلقه كلِّهم سُؤْلَهم من غير أَن ينقص من ملكه شيء.

والمخلوق بخلاف ذلك كله يكره أَن يُسْأَلَ، ويحب أَن لا يُسْأَل: لعجزه وفقره وحاجته.

[[من مأثورات السلف]]

* ولهذا قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك: "ويحك! تأْتي من يغلق عنك بَابَهُ؟ ويُظْهِر لك فَقْرَة؟ ويواري عنك غِنَاهُ؟ وتدع مَنْ يفتح لك بابه بنصف الليل ونصف النهار؟ ويظهر لك غناهُ؟ ويقول: ادعني أستجبْ لك؟ ".

* وقال طاووس لعطاء: "إِياك أَن تطلب حوائجك إِلى من أَغلق دونك بابه، ويجعل دونها حجابه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أَمرك أَن تسأَله، ووعدك أَن يجيبك".

[[حكمة الاستعانة بالله وحده]]

* وأَما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق فلأَن العبد عاجزٌ عن الاستقلال بجلب مصالحه، ودفع مضارِّه، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إِلا الله عز وجل،


(١) سورة يونس: ١٠٧.
(٢) سورة فاطر: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>