للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحقَّ بالنور الذي عليه. فيقبله قلبُه، وينفرُ عن الباطل، فينكُره ولا يعرفه (١).

[وممن يحدث بما لم يُسمَعْ]:

• ومن هذا المعنى قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سيكونُ في آخر الزمان قومٌ يحدِّثونَكُم بما لم تَسْمَعُوا أنتُم ولا آباؤكُم، فإياكُمْ وإياهُم" (٢).

يعني أنهم يأتون بما تستنكره قلوب المؤمنين، ولا تعرفه.

• وفي قوله: "أنتم ولا آباؤكم" إشارة إلى أن ما استقرت معرفته عند المؤمنين مع تقادُم العهد، وتطاوُل الزمان؛ فهو الحق. وأنّ ما أُحدِث بعد ذلك مما يُستنكَرُ؛ فلا خير فيه.

[[حديث وابصة والرجوع إلى القلب]]

• فدل حديث وابصة وما في معناه على الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه؛ فما سكن إليه القلب، وانشرح إليه الصدر، فهو البر والحلال، وما كان بخلاف ذلك فهو الإثم والحرام.

* * *


(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب السنة: باب لزوم السنة ٥/ ١٧ - ١٨ من حديث ابن شهاب: أن أبا إدريس الخولاني عائذ الله أخبره أن يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل أخبره، قال: كان لا يجلس مجلسا للذكر حين يجلس إلا قال: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوما: إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لمعاذ: ما يدريني [رحمك الله] أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال [لها] ما هذه، ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورًا.
قال أبو داود: قال معمر. عن الزهري في هذا الحديث: "ولا يُنئِيَنَّكَ ذلك عنه" مكان "يثنينك".
وقال صالح بن كيسان، عن الزهري في هذا: "المشبهات" مكان: "المشتهرات".
وقال: "لا يثنينك" كما قال عقيل.
وقال ابن إسحق عن الزهري، قال: بلى ما تشابه عليك من قول الحكيم، حتى تقول ما أراد بهذه الكلمة؟.
(٢) مسلم في المقدمة: باب النهي عن الرواية عن الضعفاء ١/ ١٢ من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>