للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• أحدهما: أن لا يكون للولد المتوفي ولد.

والثاني: أن يرثه أبواه، أي أن ينفرد أبواه بميراثه، فما لم ينفرد أبواه بميراثه فلا تستحق الأم الثلث؛ وإن لم يكن للمتوفي ولد.

* * *

[[ابن رجب وجواب لم يسبق به]]

• وقد يقال - وهو أحسن -: إن قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أي مما ورثه الأبوان، ولم يقل: "فلأمه الثلث مما ترك" كما قال في السدس، فالمعنى: أنه إذا لم يكن له ولد وكان لأبويه من ماله ميراثٌ؛ فللأم ثُلُثُ ذلك الميراث الذي يختص به الأبوان، ويبقى الباقي للأب.

ولهذا السر - والله أعلم - حيث ذكر الله الفروضَ المقدرةَ لأهلها قال فيها: مما ترك أو ما يدل على ذلك كقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (١) ليبين أن ذا الفرض حقه ذلك الجزء المفروض المقدّر له من جميع المال بعد الوصايا والديون.

وحيث ذكر ميراث العصبَات أو ما يقتسمه (٢) الذكور والإناث على وجه التعصيب، كالأولاد والإخوة لم يقيِّدْهُ بشيء من ذلك؛ ليبين أن المال المقتسَمَ بالتعصيب ليس هو المالَ كُلّه، بل تارة يكون جميعَ المال، وتارةً يكون هو الفاضل عن الفروض المفروضة المقدَّرة، وهنا لما ذكر ميراثَ الأبوين من ولدهما الذي لا ولد له، ولم يكن اقتسامهما المال بالفرض المحض كما في ميراثها مع الولد، ولا كان بالتعصيب المحض الذي يُعَصِّبُ فيه الذكرُ الأنثى، ويأخذ مثلي (٣) ما تأخذه الأنثى؛ بل كانت الأم تأخذ ما تأخذُه بالفرض، والأبُ يأخذ ما يأخذُه بالتعصيب:

• وقال: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (٤) يعني أن القدْر الذي يستحقه الأبوان من ميراثه تأخذ الأم ثلثه فرضًا، والباقي يأخذه الأب بالتعصيب.

وهذا مما فتح الله به، ولا أعلم أحدًا سبق إليه ولله الحمد والمنة.

* * *


(١) سورة النساء: ١٢.
(٢) م: "تقتسمه".
(٣) "ا": "مثلًا" وهو خطأ نحوي.
(٤) سورة النساء: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>