للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشهوة: هي ميل النفر إلى ما يلائمها وتتلذذ به، وقد تميل كثيرًا إلى ما هو محرم، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، بل وإلى الكفر، والسحر والنفاق، والبدع.

والغضب هو: غليان دم القلب طلبًا لدفع المؤْذِي عند خشية وقوعه، أو طلبًا للانتقام ممن حصل منه الأذى بعد وقوعه، وينشأُ من ذلك كثير من الأفعال المحرمة كالقتل، والضرب، وأنواع الظلم، والعدوان، وكثير من الأَقوال المحرمة، كالقذف، والسَّبّ، والفحش، وربما ارتقى إلى درجة الكفر، كما جرى لجَبَلَة بن الأَيْهَم (١). وكالأَيْمان التي لا يجوز التزامها شرعًا، وكطلاق الزوجة الذي يُعقب الندم.

[[واجب المؤمن]]

* والواجب (٢) على المؤمن أَن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله له (٣)، وربما تناولها بنية صالحة؛ فأُثيب عليها، وأن يكون غضبه دفعًا للأَذى في الدين له أو لغيره (٤)، وانتقامًا ممن عصى الله ورسوله كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (٥).

[[والرسول هو الأسوة]]

* وهذه كانت حالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذَا انتُهكت حرماتُ الله لم يقم لغضبه شيء.

ولم يضرب بيده خادمًا ولا امرأَة، إلا أن يُجَاهد في سبيل الله.

وخدمه أَنس عشر سنين، فما قال له أُفٍّ قط، ولا قال له لشيء فعلَه: لم فعلتَ كذا؟ ولا لشيء لم يفعلْه: أَلا فعلتَ كذا؟ (٦).


(١) هو جبلة بن الأيهم بن جبلة الغساني من آل جفنة: آخر ملوك الغساسنة أسلم وهاجر إلى المدينة ثم لطم رجلًا من مزينة وأبي القصاص كما حكم عمر وآثر الارتداد وفر إلى القسطنطينية إِلى أن توفي عام ٢٠ هـ ٦٤١ راجع الأعلام ٢/ ١١١ - ١١٢ وهامشه.
(٢) ب: "فالواجب".
(٣) ليست في ب.
(٤) ا، ر، ظ: "له ولغيره".
(٥) سورة التوبة: ١٤، ١٥.
(٦) راجع في هذا ما أخرجه مسلم في كتاب الفضائل: باب كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا ٤/ ١٨٠٤ - ١٨٠٥ والبخاري في الأدب: باب حسن الخلق ١٠/ ٤٧١.
وأبو داود في أول كتاب الأدب: باب في الحلم وأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -٢/ ٥٤٧.
وأبو الشيخ في أخلاق النبي ص ٢١. وفيه الرواية التالية ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>