للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[ابن رجب يوضح رأي ابن الجوزي]]

وإنما كلامه في السلاطين الذين عهدهم في وقته الذين يمنعون المستحقين من الفيء حقوقهم، ويتصرفون فيه لأنفسهم تصرف الملاك ببناء ما ينسبونه (١) إليهم من مدارس وأرْبطة ونحوهما مما قد لا يحتاج إليه ويُخَصُّ به قوم دون قوم.

فأما لو فرض إمام عادل يعطي الناس حقوقهم من الفيء، ثم يبني لهما ما يحتاجون إليه من مسجد أو مدرسة أو مارستان ونحو ذلك كان جائزًا.

ولو كان بعض من يأخذ المال لنفسه من بيت المال بنى بما أخذه منه بناء (٢) محتاجًا إليه في حال يجوز البناء فيه من بيت المال لكنه ينسبه إلى نفسه فقد يتخرج على الخلاف في الغاصب إذا رد المال إلى المغصوب منه على وجه الصدقة والهبة هل يبرأ بذلك أم لا؟ وهذا كله إذا بني على قدر الحاجة من غير سرف ولا زخرفة.

وقد أمر عمر بن عبد العزيز بترميم مسجد البصرة من مال بيت المال، ونهاهم أن يجاوزوا (٣) ما تصدع منه وقال: إني لم أجد للبنيان في مال الله حقًّا.

ورُوي عنه أنه قال: "لا حاجة للمسلمين فيما أضرَّ ببيت مالهم".

* * *

[[تصرف الغاصب في مال غيره]]

واعلم أن من العلماء من جعل تصرف الغاصب ونحوه في مال غيره موقوفا على إجازة مالكه؛ فإن أجاز تُصَرُّفَهُ فيه جاز.

وقد حكى بعض أصحابنا - رواية عن أحمد -: أن من أخرج زكاته من مال مغصوب ثم أجازه له المالك جاز وسقط عنه الزكاة.

وكذلك خَرَّجَ ابنُ أبي موسى (٤) رواية عن أحمد أنه إذا أعتق عَبدَ غيره عن نفسه ملتزما ضمانه في ماله ثم أجازه المالك جاز ونفذ عتقه وهو خلاف نص أحمد.

• وحكي عن (٥) الحنفية أنه لو غصب شاة فذبحها لمتعته وقرانه ثم أجازها المالك أجزأت عنه.

* * *


(١) في المطبوعة: "يبنونة" وهو تصحيف.
(٢) "ا": بنى بما يأخذه بناء … ".
(٣) م: "يتجاوزوا".
(٤) م: "ابن أبي الدنيا".
(٥) ليست في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>