للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لذته وسكره، وفي سنن أبي داود من حديث شهر بن حوشب، عن أم سلمة قالت:

"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومُفْتِر" (١).

والفْتِر! هو الخدر للجسد وإن لم ينته إلى حد الإسكار.

* * *

[[التداوي بالسكر غير الملذ]]

• والثاني: ما يزيل العقل ويسكره، ولا لذّة فيه ولا طرب، كالبنج ونحوه.

فقال أصحابنا: إنْ تناولَه لحاجة التداوي به، وكان الغالب منه السلامة جاز.

وقد روي عن عروة بن الزبير أَنه لما وقعت الأكِلَة في رجله، وأرادوا قطعها، قال له الأطباء: نسقيك دواءً حتى يغيب عقلك، ولا تُحِسَّ بألم القطع؟ فأبى وقال: ما ظننت أن خلقًا يشرب شرابًا يزول منه عقله حتى لا يعرف ربه!!.

وروي عنه أنه قال: لا أشرب شيئًا يحول بيني وبين ذكر ربي عز وجل.

[[تناول السكر الذي لا لذة فيه لغير التداوي]]

• وإن تناول ذلك لغير حاجة التداوي، فقال أكثر أصحابنا: كالقاضي، وابن عقيل، وصاحب المغني: إنه محرم؛ لأنه تسبب إلى إزالة العقل لغير حاجة؛ فحرم كشُرْب المسكر.

• وروي حَنَش الرحبي - وفيه ضعف - عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا: "من شرب شرابًا يذهب بعقله؛ فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر" (٢).

• وقالت طائفة منهم ابن عقيل في فنونه: لا يحرم ذلك؛ لأنه لا لذة فيه، والخمر


(١) أخرجه أبو داود في الباب السابق ح ٣٨٨٦ وفي النهاية ٣/ ٤٠٨ أنه من أفتر: صار فيه فتور وضعف.
(٢) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ٧٠ من حديث ابن عباس، وقال: رواه أبو يعلى الطبراني، وفيه حسين بن قيس الرحبي، وهو ضعيف.
وقد حرف حنش بن قيس إلى حسين بن قيس وقد رواه ابن عبد البر في التمهيد ٥/ ٧٧ من طريق حنش بن قيس الرحبي به أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر، ومن شهد شهادة فاجتاح بها مال مسلم؛ فقد تبرأ مقعده من النار، ومن شرب شرابًا حتى يذهب عقله الذي رزقه الله؛ فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر".
قال ابن عبد البر:
وهذا حديث وإن كان في إسناده من لا يحتج بمثله أيضًا من أجل حنش؛ فإن معناه صحيح من وجوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>