للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وقد سبق من حديث أبي الطفيل عن معاذ أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " استحي من الله استحياءَ رجل ذي هيبة من أَهلك " (١).

• وهذا هو السبب الوجب لخشية الله في السر؛ فإن من علم أَن الله يراه حيث كان، وأنَّه مطلع على باطنه وظاهره، وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته - أَوجب له ذلك ترك المعاصي في السر.

وإلى هذا المعنى الإشارة في القرآن بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (٢).

[[من هدى السلف في المراقبة والتقوى].]

• كان بعض السلف يقول لأَصحابه: زهَّدنا الله وإِياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة، فعلم أَن الله يراه، فتركه من خشيته.

أو كما قال.

• وقال الشافعي: " أعز الأشياء ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يُرجى ويُخاف ".

• وكتب ابن السماك الواعظ إلى أَخ له: " أَما بعد! أُوصيك بتقوى الله الذي هو نَجيّك في سريرتك، ورقيبُك في علانيتك، فاجعل الله من بالك على كل حال في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك، وقدرته عليك، واعلم أَنك بعينه، ليس تخرج من سلطانه إِلى سلطان غيره، ولا من مُلْكه إِلى مُلْك غيره؛ فليعظم منه حَذَرُك، وليكثر منه وَجَلكَ، والسلام ".

* * *

• وقال أبو الجلد: أَوحى الله تعالى إِلى فبي من الأَنبياء: قل لقومك: " ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي؛ وتظهرونها لي؟ إِن كنتم ترون أَني لا أَراكم فأنتم مشركون لي، وإِن كنتم ترون أَني أَراكم فلم تجعلوني أَهونَ الناظرين إليكم؟! ".

* * *

• وكان وُهيب بن الورد يقول: " خف الله على قدر قدرته عليك، واستحْيِ منه


(١) ص ١٣٠. ولفظه هناك: " استحْيِ من الله كما تستحيي من رجل ذي هيبة من أهلك".
(٢) سورة النساء: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>