للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[من وصايا السلف في الإحسان] [وآثارهم فيه]]

ووصى أبو الدرداء رضي الله عنه رجلا فقال له: "اعبد الله كأنك تراه".

وخطب عروة بن الزبير إلى ابن عمر ابنته وهما في الطواف، فلم يجبه؛ ثم لقيه بعد ذلك فاعتذر إليه وقال: "كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا".

أخرجه أبو نعيم وغيره (١).

* * *

[[تفسير الجملة الثانية في الوصية بالإحسان]]

• وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنْ لَمْ تَكُن تَراهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ": قيل إنه تعليل للأول، فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله تعالى في العبادة واستحضار قربه من عبده حتى كأن العبد يراه فإنه قد يَشُقُّ ذلك عليه؛ فيستعين على ذلك بإيمانه بأن الله عز وجل يراه ويَطَّلع على سره وعلانيته، وباطنه وظاهره، ولا يَخْفَى عليه شَيْءٌ من أمره.

فإذا تحقق هذا المقام سَهُل عليه الانتقال إلى المقام الثاني، وهو دوام التحديق بالبصيرة إلى قرب الله من عبده، ومعيته (٢) حتى كأنه يراه.

* * *

وقيل بل هو إشارة إلى أن من شقَّ عليه أن يعبد الله تعالى كأنه يراه؛ فليعبد الله على أن الله يراه ويطلع عليه؛ فليستحي من نظره إليه كما قال بعض العارفين: "اتق الله أن يكون أهونَ الناظرين إليك".


(١) هو عند أبي نعيم في الحلية ١/ ٣٠٩ من حديث محمد بن أحمد بن الحسن، عن بشر بن موسى عن أبي عبد الرحمن المقرئ، عن حرملة، عن أبي الأسود قال: سمعت عروة بن الزبير يقول: خطبت إلى عبد الله بن عمر ابنته ونحن في الطواف فسكت ولم يجبني بكلمة، فقلت: لو رضي لأجابني، والله لا أراجعه فيها بكلمة أبدًا، فقدر له أن صدر إلى المدينة قبلي، ثم قدمت فدخلت مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، وأديت إليه من حقه ما هو أهله، فأتيته ورحب بي وقال: متى قدمت؟ فقلت: هذا حين قدومي، فقال: أكنت ذكرت لي سودة بنت عبد الله ونحن في الطواف نتخايل الله عز وجل بين أعيننا؟ وكنت قادرًا أن تلقاني في غير الموطن؟ فقلت: كان أمرًا قدر؟ قال: فما رأيك اليوم؟ قلت: أحرص ما كنت عليه قط. فدعا ابنيه: سالما وعبد الله فزوجني.
(٢) ليست في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>