للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[حب الناس يدفع إلى الغبطة لا الحسد].]

ولا يكون المؤمن مؤمنًا حقًّا حتى يرضى للناس ما يرضاه لنفسه.

وإن رأى في غيره فضيلة فاق بها عليه فتمنى لنفسه مثلها، فإن كانت تلك الفضيلة دينية كان حسنًا.

• وقد تمنى النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه منزلة الشهادة.

وقال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل، وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقرؤه آناه الليل، وآناء النهار" (١).

• وقال (٢) في الذي رأى من ينفق ماله في طاعة الله فقال: لو أن لي مالا لفعلت فيه كما فعل [هذا] فهما في الأجر سواءٌ.

وإن كانت دنيوية فلا خير في تمنيها كما قال تعالى:

{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} (٣).

* * *

وأما قوله عز وجل: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٤) فقد فُسر ذلك بالحسد، وهو تمني الرجل نفس ما أعطي أخوه من أهل ومال، وأن ينتقل ذلك إليه، وفُسر بتمني ما هو ممتنع شرعًا أو قدَرًا كتمني النساء أن يكن رجالا، أو يكون لهن مثل ما للرجال من الفضائل الدينية كالجهاد، والدنيوية كالميراث والعاقل والشهادة ونحو ذلك.

وقيل: إن الآية تشمل ذلك كله.

ومع هذا كله فينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية؛ ولهذا أُمِر أن ينظر في الدين إلى مَن هو فوقه، وأن ينافس في طلب ذلك جهده وطاقته كما قال تعالى:


(١) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ١/ ٥٥٨، ٥٥٩ من حديث ابن عمر بتقديم وتأخير. والبخاري في فضائل القرآن ح ٥٠٢٥.
(٢) في هـ، م: "فيمن". وفي ب: "كما فعل فهما". والحديث في البخاري رقم ٥٠٢٦.
(٣) سورة القصص: ٧٩ - ٨٠.
(٤) سورة النساء: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>