للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أئمة الإسلام.

* * *

[[بين الإيمان والإسلام]]

فإن قيل: فقد فرّق النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بين الإسلام والإيمان وجعل الأعمال (١) كلها من الإسلام لا من الإيمان؛ والمشهور عن السلف وأهل الحديث أن الإيمان: قول وعمل ونية، وأن الأعمال كُلَّهَا داخلةٌ في مُسَمَّى الإيمان.

• وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومَن بعدهم ممن (٢) أدركهم.

• وأنكر السلف على مَنْ أخرج الأعمالَ عن الإيمان إنكارًا شديدًا.

وممن أنكر ذلك على قائله وجعله قولا مُحْدَثًا: سعيدُ بنُ جُبَيْر، وميمون بن مِهْرَان، وقتادة، وأيوب السَّخْتِيَاني، والنَّخَعِي، والزهري، ويحيى بنُ أبي (٣) كثير، وغيرُهم.

• وقال الثوري: هو رأي محدث أدركنا الناسَ على غيره.

• وقال الأوزاعي: وكان من مضى من السلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل.

• وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الأمصار: أما بعد، فإن الإيمان: فرائض وشرائعُ، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان.

ذكره البخاري في صحيحه (٤).

• قيل الأمر على ما ذكره (٥).


(١) ب: "الأيمان": وهو تحريف.
(٢) ب: "عمن ".
(٣) سقطت من ب.
(٤) في أول كتاب الإيمان ١/ ٤٥.
(٥) في س، هـ، م: "قبل" أ: "ذكر"، ب "ذكرت" وفي الرسالة الثانية ص ١٣ من جامع العلوم والحكم تحقيق المرحوم الشيخ أحمد شاكر جاء بالصلب: "قبل الأمر على ما ذكرت" وقال في التعليق: كذا في النسخة الهندية وفي المخطوطة: قبل، وكلاهما غير مفهوم. ا هـ.
والذي استبان لي أن ابن رجب إنما أورد هذه الجملة: "قيل الأمر على ما ذكره" تعقيبًا على ما حكاه الأوزاعي أن الأقدمين لم يكونوا يفرقون بين الإيمان والعمل، والإيمان عندهم يشمل التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح.
وقد استشهد لهذا بما كتب عمر: الإيمان فرائض وشرائع.
وإنما يسلم هذا للأوزاعي لو أن الرواية عن عمر بن عبد العزيز جاءت نصًّا واحدًا، وليس كذلك. فالرواية عنه في ذلك روايتان: هذه التي حكاها الأوزاعي واستند عليها. وهي رواية الأقل: والرواية الأخرى هي: "فإن للإيمان فرائض وشرائع" وهي تفيد أن الإيمان غير العمل، ثم هي الرواية المشهورة، وهي ما في "ا". فابن رجب حين يقول: "قيل الأمر على ما ذكره" يقصد أن ما ذكره الأوزاعي إنما يستقيم على الرواية الأولى، لا على الرواية الثانية المشهورة، ولهذا قال: "قيل" راجع فتح الباري ١/ ٤٥ والقسطلاني ١/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>