للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[الحال الثاني]]

• الحال الثاني: أن ينزل المؤمن نفسَه في الدنيا كأنه مسافر غيرُ مقيم ألبتة؛ وإنما هو سائر في قَطْع منازل السفر؛ حتى ينتهي به السفر إلى آخره: وهو الموت.

• ومن كانت هذه حالَه في الدنيا؛ فهمته تحصيلُ الزاد للسفر، وليس له همة في الاستكثار من (١) متاع الدنيا؛ ولهذا وصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جماعة من أصحابه أن يكون بلاغهم من الدنيا كزاد الراكب.

[[مما أثر عن السلف]]

• قيل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ قال: "ما ظنُّك برجل يرتحل إلى الآخرة كل يوم مرحلة؟ " (٢).

• قال الحسن: "إنما أنتَ أيام (٣) كلما محضى يومٌ مضى بعضُك".

وقال: "ابنَ آدم! إنما أنتَ بين مطيتين يوضعانك: يوضعك النهار إلى الليل، والليل إلى النهار؛ حتى يسلمانك إلى الآخرة - فمن أعظم منك يا ابنَ آدم خطرًا؟! ".

• وقال: "الموت معقود بنواصِيكم، والدنيا تطوى من ورائكم".

* * *

• قال داود الطائي (٤): "إنما الليل والنهار مراحل يَنْزلها الناس مرحلةً مرحلةً حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادًا لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو والأمر أعجلُ من ذلك، فتزوّد لسفرك، واقضِ ما أنت قاصت من أمرك، فكأنك بالأمر قد بَغَتَكَ!؟ ".

* * *

• وكتب بعض السلف إلى أخ له:

يا أخي! يخيَّل لك أنكَ مقيم؟ بل أنت دائب السير تُساق مع ذلك سوقًا حثيثًا، الموت مُوجَّه إليك، والدنيا تُطوى من ورائك، وما مضى من عمرك فليس بكارّ عليك؛


(١) م: "من طلب متاع".
(٢) الحلية ٢/ ٣٤٨ بنحوه.
(٣) م: "أيام مجموعة" والخبر في الحلية ٢/ ١٥٢ بنحوه.
(٤) الخبر في الحلية ٧/ ٣٤٥ - ٣٤٦ وتتمته فيها: "إني أقول هذا وما أعلم أحدًا أشد تضييعًا مني لذلك ثم قام". وكان يحدث بذلك قريبًا له، سأله أن يوصيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>