للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقال الحسن، وأبو مالك وغيرهما: هي في أهل الشرك خاصة، ليس هي في أهل الإسلام.

قلت: إنما يصح هذا القول على أن يكون التبديل في الآخرة كما سيأتي.

وأما إن قيل: إنه في الدنيا فالكافر إذا أسلم، والمسلم إذا تاب في ذلك [سواء بل المسلم إذا تاب] (١) فهو أحسن حالا من الكافر إذا أسلم.

وقال: وقال آخرون: والتبديل في الآخرة، جعلت لهم مكان كل سيئة حسنة، منهم: عمرو بن ميمون، ومكحول، وابن المسَيِّب، وعلي بن الحسين قال: وأنكره أبو العالية، ومجاهد، وخالد سَبَلان وفيه موضع إنكار، ثم ذكر ما حاصله: أنه يلزم من ذلك أن يكون من كَثُرت سيئاته أحسن حالًا ممن قلَّت سيئاته؛ حيث يعطى مكان كل سيئة حسنة، ثم قال: ولو قال قائل: إنما ذكر الله أن تبدل السيئات حسنات، ولم يذكر العدد كيف تبدل؟ فيجوز أن معنى تبدَّل: أن من عمل سيئة واحدة وتاب منها تُبَدَّلُ مائة ألف حسنة، ومن عمل ألف سيئة أن تبدل ألف حسنة فيكون حينئذ من قلت سيئاته أحسن حالًا.

قلت: هذا القول - وهو التبديل في الآخرة - قد أنكره أبو العالية وتلا قوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (٢).

ورد بعضهم بقوله تعالى:

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٣).

وقوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (٤).

[[كيف تبدل سيئات التائب؟].]

• ولكن قد أجيب عن هذا بأن التائب يُوقفُ عَلَى سيئاته ثم تُبَدَّل حسنات.

قال أبو عثمان النهْدي: "إن المؤمن يؤتى كتابَه في سِتر من الله عز وجل، فيقرأ سيئاته، فإذا قرأ تغير لها لونه حتى يمر بحسناته، فيقرؤها، فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات، فعند ذلك يقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (٥).


(١) ما بين الرقمين ليس في المطبوعة ولا في الهندية.
(٢) سورة آل عمران: ٣٠.
(٣) سورة الزلزلة: ٨.
(٤) سورة الكهف: ٤٩.
(٥) سورة الحاقة: ١٩. والخبر - برواياته - أورده ابن كثير في التفسير ٤/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>