منْهج ابْن رَجَبْ في "جَامِع العُلوُمِ وَالحِكَمِ"
قدم ابن رجب لكتابه فتحدث عن معنى جوامع الكلم، والعنوان الذي وضعه لكتابه، ومن ألف في جوامع الكلم، ثم تحدث عن تدرج عدة الأحاديث الجامعة في كتابه هذا منذ الخطابي .. إلى النووي .. إلى أن أتمها ابن رجب خمسين حديثًا. ثم تحدث عن منهجه في الكتاب، فقال:
"قد أعلمتك أنه ليس غرضي في غير شرح معاني كلمات النبي -صلى الله عليه وسلم- الجوامع، وما تتضمنه من الآداب والحكم والمعارف والأحكام والشرائع، وأشير إشارة لطيفة قبل الكلام في شرح الحديث إلى إسناده، ليُعلَمَ بذلك صحته وقوته وضعفه، وأذكر بعض ما روي في معناه من الأحاديث إن كان في ذلك الباب شيء غير الحديث الذي ذكره الشيخ (النووي) وإن لم يكن في الباب غيره، أو لم يكن يصح فيه غيره - نبهت على ذلك كله".
وقد وفى "ابن رجب" بما التزم به في المنهج إلى مدى بعيد، وفي ضوء ما سنحدث عنه، ولعل هذا يلقي لنا مزيدًا من الضوء على الجانب الحديثي عند الرجل.
وسيرى القارئ مع كل حديث من الشرح والتوضيح، ومن النصوص والآثار، ما يدل على سعة اطلاعه، وغزارة مادته.
هذا فضلا عما سيقف عليه من مصادر الأحاديث ودرجتها من الصحة أو الضعف، ودرجة رواتها من العدالة والضبط؛ حتي يكون على بينة من أمر دينه، ويسير في حياته على هدى وعلى بصيرة.
* * *
[ملحوظات على ابن رجب]
ومع هذا وذاك فإن القارئ للكتاب سوف يلحظ ملاحظ شتى، منها:
١ - أنه سوف يحس أنه أمام ناصح أمين؛ يرى أن إبلاغ الحقيقة، ونشر العلم: أمانة دينية، ومسئولية كبرى؛ فهو يورد في شرح حديث النصيحة أن من النصيحة لله الإيمانَ بكتابه، وتدُّبرَ آياته، والدعاءَ إليه، وذبَّ تحريفِ الغالين، وطعنِ الملحدين عنه. ومن النصيحة لرسوله: إحياءَ سنته، واستنشارَ علومها ونشرها. ومن النصيحة لأئمة المسلمين: معاونَتَهُم على الحق، وطاعتَهُم فيه، وتذكيرَهم به، وتنبيهَهُم في رفق