للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوَصفَهُمْ في معاملتهم للخلق بالمغفرة عند الغضب، وندبهم إلى العفو والإصلاح.

* * *

[[الانتصار للنفس وهل ينافي قيمة العفو؟]]

• وأما قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} فليس منافيا للعفو؛ فإن الانتصار يكون بإظهار القدرة على الانتقام، ثم يقع العفو بعد ذلك فيكون أتمَّ وأكمل.

• قال النخَعي في هذه الآية: كانوا يكرهون أَن يُستذلوا، فإذا قدروا عفوا (١).

• وقال مجاهد: كانوا يكرهون للمؤمن أَن يُذل نفسه فيجترئ عليه الفساق (٢).

فالمؤمن إذا بُغي عليه يُظْهر القدرة على الانتقام، ثم يعفو بعد ذلك.

• وقد جرى مثلُ هذا الكثير من السلف منهم: قتادة وغيره.

[[آيات جامعة]]

• فهذه الآيات تتضمن جميعَ ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لمعاذ؛ فإنها تضمنت حصول (٣) خصال التقوى بفعل الواجبات، والانتهاء عن كبائر المحرمات، ومعاملة الخلق بالإحسان والعفو ولازم هذا أنه إن وقع منهم شيء من الإثم من غير الكبائر والفواحش يكون مغمورًا بخصال التقوى المقْتَضية لتكفيرها ومحوها.

[[آيات سورة آل عمران]]

وأما الآيات التي في سورة آل عمران فوصف فيها المتقين بالإحسان إلى الخلق، وبالاستغفار من الفواحش، وظلم النفس، وعدم الإصرار على ذلك.

وهذا هو الأكمل، وهو إحداث التوبة والاستغفار عقيب كل ذنب من الذنوب صغيرًا كان أو كبيرًا.

كما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصى بذلك معاذا، وقد ذكرناه فيما سبق (٤).


(١) أورده البخاري في ترجمة الباب السادس من كتاب المظالم ٥/ ١١٩ وذكر ابن حجر في الفتح ٥/ ١٢٠ أن عبد بن حميد وابن عيينة وصلاه في التفسير لهما ولم أجده في المطبوع من تفسير ابن عيينة وزاد في الدر ٧/ ٣٥٧ نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن جرير وابن المدر وابن أبي حاتم ولم ينسبه إلى سفيان.
(٢) أورده في الدر ٧/ ٣٥٨ موصولا من رواية عبد بن حميد. وأورده البخاري تعليقا في المظالم: باب الانتصار من الظالم ٥/ ٩٩ - ١٠٠ وانظر تعليق ابن حجر في هذا الموضع.
(٣) في ا، ر، ل، ظ، ب: "أصول".
(٤) ص ٤٨٧ وانظر ص ٤٦٦، ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>