للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما خلق الله آدم - عليه السلام - أُسْكِن هو وزَوْجُه الجنة، ثم أهبطَا منها، ووُعِدَا الرجوعَ إليها، وصالح ذريتهما.

فالمؤمن أبدًا يحنُّ إلى وطنه الأول، وحبُّ الوطن من الإيمان وكما قيل:

وكم منزل للمرء يألفه الفتى … وحنينه أبدًا لأول منزلٍ

ولبعض شيوخنا:

فحيَّ على جنات عدن فإنَّها … منازلكَ الأولى وفيها المخيَّمُ!

ولكننا سَبْيُ العدوِّ فهل تُرى … نعودُ إلى أوطاننا ونُسَلِّمُ؟

وقد زعموا أنَّ الغريب إذا نأى … وشطَّتْ به أوطانُه فهو مغْرَمُ

وأيّ اغترابٍ فوق غُرْبتنا التي … لها أضحت الأعداءُ فينا تَحَكَّمُ؟!

• وكان عطاء السَّلِيمي يقول في دعائه: "اللهم ارحم في الدنيا غربتي، وارحم في القبر (١) وحشتي، وارحم موقفي غدًا بين يديك".

* * *

[[مثل الدنيا]]

• قال الحسن: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: إنما مثلي ومثلُكم ومثلُ الدنيا كقوم (٢) سلكُوا مفازة غبراء (٣) حتى إذا لم يدْرُوا ما سلَكُوا منها أكثر، أو ما بقى، أنفدُوا الزادَ وحسَرُوا (٤) الظهرَ، وبَقُوا بين ظهراني المفازَةِ، لا زادَ ولا حَمُولة، فأيقنوا بالهلَكة، فبينما (٥) هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حُلّةٍ (٦) يقطُرُ رأسه (٧) فقالوا: إن هذا قريبُ عهدٍ بريفٍ (٨) وما جاءكم هذا (٩)؛ إلا من قريبٍ


(١) "ا": "القبور" وفي الحلية: "قبري"، والخبر فيها في ترجمته ٦/ ٢١٥ - ٢٢٦ بنحوه.
(٢) عند ابن أبي الدنيا: "كمثل قوم".
(٣) الغبراء: الأرض؛ لغبارها وترابها، والمفازة الغبراء: هي التي لا يهتدي للخروج منها. نهاية ٣/ ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٤) حسروا الظهر: أتعبوا الدواب التي يمتطون ظهورها، وأعيوها. نهاية ١/ ٣٨٤.
(٥) في ذم الدنيا: "فبينا".
(٦) سقطت من م.
(٧) م: "يقطر رأسه ماء" والكلمة الأخيرة ليست في شيء من الأصول.
(٨) في هامش م: الريف: أرض فيها زرع وخصْب والجمع أرياف. أهـ مختار.
(٩) في ذم الدنيا: "وما جاءهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>