للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والفصل الثاني في حكم المكْرَه وهو نوعان

• أحدهما: من لا اختيار له بالكلية، ولا قدرة له على الامتناع؛ كمن حُمل كَرْهًا، وأدخل إلى مكان حلف على الامتناع من دخوله، أو حمل كرهًا، وضرب به غيره؛ حتى مات ذلك الغير، ولا قدرة له على الامتناع أو أضجعت المرأة ثم زني بها من غير قدرة لها على الامتناع، فهذا لا إثم عليه بالاتفاق، ولا يترتب عليه حنث في يمينه عند جمهور العلماء.

وقد حُكي عن بعض السلف كالنخعي فيه خلافٌ، ووقع مثله في كلام بعض أصحاب الشافعي وأحمد.

والصحيح عندهم: أنه لا يَحنثُ بحال.

وروي عن الأوزاعي في امرأة حلفت على شيء، وأحْنَثَها زوجُها كَرهًا أنَّ كفارتها عليه.

وعن أحمد رواية كذلك فيما إذا وطئ امرأته مُكْرَهةً في صيامها أو إحرامها أنّ كفارتها عليه.

والمشهور عنه أنه يفسد بذلك (١) صومها وحجها.

• النوع الثاني: من أكره بضرب أو غيره حتى فعل.

فهذا الفعل يتعلق به التكليف؛ فإنه يمكنه (٢) أن لا يفعل، فهو مختار للفعل، لكن ليس غرضه نفس الفعل، بل دفع الضرر عنه، فهو مختار من وجه، غير مختار من وجه آخر (٣)، ولهذا اختلف الناس: هل هو مكلف أم لا؟ واتفق العلماء على أنه لو أكره على قتل معصوم لم يُبَحْ (٤) له أن يقتله؛ فإنه إنما يقتله باختياره؛ افتداءً لنفسه من القتل.

هذا إجماع من العلماء المعتدّ بهم.

• وكان في زمن الإمام أحمد يخالف فيه من لا يعتد به.

فإذا قتله (٥) في هذه الحال، فالجمهور على أنهما يشتركان في وجوب القوَد: المكرِه والمكرَه، لاشتراكهما في القتل، وهو قول مالك والشافعي في المشهور عنه وأحمد.


(١) "ا": "صومها".
(٢) م: "فإن أمكنه".
(٣) ليست في "ا"، ولا في ب.
(٤) م: "لم يصح".
(٥) "ا": "وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>