للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عز وجل: خلقتُ عبادي حُنَفَاء وفي رواية: "مُسلِمين فاجْتَالَتْهُم الشياطين" (١) وليس كذلك؛ فإن الله خلق بني آدم، وفَطَرهم على قبول الإسلام، والميل إليه دون غيره، والتهيؤ لذلك، والاستعداد له بالقوة، لكن لا بد للعبد من تعلم الإسلام بالفعل فإنه قبل التعلُّم جاهلٌ لا يَعلَمُ شيئًا؛ كما قال عز وجل: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} (٢)، وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (٣) والمراد: وجدك غير عالم بما علمك من الكتاب والحكمة كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٤).

• فالإنسان يولد مفطورًا على قبول الحق؛ فإن هداه الله تعالى سبّب له مَن يعَلِّمه الهدى، فصار مهتديًا بالفعل - بعد أن كان مهتديًا بالقوة، وإن خذله الله قَيَّضَ له من يُعَلِّمه ما يغيِّر فطرته، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه ويُنَصِّرَانهِ ويُمجِّسانِهِ" (٥).

* * *

[كيف يسأل المؤمن الهداية إذا كان مهتديًا؟]:

• وأما سؤال المؤمن من الله الهداية؛ فإن الهداية نوعان: هداية مجملة، وهي الهداية للإسلام والإيمان، وهي حاصلة للمؤمن، وهداية مفصلة وهي هدايته إلى معرفة


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٦٢ (الحلبي) بسياقه كاملا.
ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيم أهلها: باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ٤/ ٢١٩٧ - ٢١٩٨.
وهو الحديث الوحيد الذي أخرجه مسلم لعياض المذكور -رضي الله عنه-. وأورده ابن كثير في التفسير ٣/ ٤٣٣ عنهما ثم قال: انفرد بإخراجه مسلم فرواه من طرق عن قتادة عن مطرف عن عياض.
(٢) سورة النحل: ٧٨.
(٣) سورة الضحى: ٧.
(٤) سورة الشورى: ٥٢.
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز: باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ٣/ ١٧٢ وباب ما قيل في
أولاد المشركين ٣/ ١٩١ - ١٩٤ وفي كتاب التفسير: سورة الروم: باب قوله تعالى {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} ٨/ ٤١٦.
وفي كتاب القدر: باب الله أعلم بما كانوا عاملين ١١/ ٤١٨ (من الفتح) وذلك من حديث أبي هريرة في
المواضع المذكورة.
وأخرجه مسلم في كتاب القدر: باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال المشركين ٤/ ٢٠٤٧ - ٢٠٤٩.
كلاهما من حديث أبي هريرة من طرق ووجوه عديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>