للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرج أيضًا من رواية شَهْر بن حَوْشَب عن عُبَادة قالَ: أُراهُ رفعهُ قال: "يؤتى بالدنيا يوم القيامة فيقال ميزُوا منها ما كان لله عز وجل وألقوا سائرها في النار" (١).

[[الدنيا ملعونة إلا]]

فالدنيا وكل ما فيها ملعونة. أي: مُبْعَدَةٌ عن الله؛ لأنها تشغل عنه، إلا العلم النافع الدالِّ على الله، وعلى معرفته وطلب قربه، ورضاه، وذكرَ الله، وما والاه مما يقرّب من الله. فهذا هو المقصود من الدنيا.

فإن الله إنما أمر عباده بأن يتقوه ويطيعوه، ولازم ذلك دوامُ ذكره؛ كما قال ابن مسعود: "تقوى الله حقَّ تقواه أن يُذْكَر فلا ينسى".

وإنما شرع الله إقام الصلاة لذكره، وكذلك الحج والطواف.

وأفضل أهل العبادات أكثرهم لله ذكرًا فيها.

فهذا كله ليس من الدنيا المذمومة، وهو المقصود من إيجاد الدنيا وأهلها كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٢).

[أيُّهما أفضل؟]:

وقد ظن طوائف من الفقهاء والصوفية أن ما يوجد في الدنيا من هذه العبادات أفضل مما يوجد في الجنة من النعيم.

قالوا: لأن نعيم الجنة حظُّ العبد، والعبادات في الدنيا حقُّ الربِّ؛ وحقُّ الربِّ أفضلُ من حظ العبد.

وهذا غلط.

ويقوّي غَلَطَهم قولُ كثير من المفسرين في قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} (٣) قالوا: الحسنة: لا إله إلا الله، وليس شيء خيرًا منها.

ولكن الكلام على التقديم والتأخير.


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا ص ١٤ ح ٦ من طريق العباس بن يزيد البصري، عن معاوية، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عبادة قال ابن أبي الدنيا أراه رفعه قال: فذكره بنحوه.
وضعف محققه الحديث بشهر.
(٢) سورة الذاريات: ٥٦.
(٣) سورة النمل: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>