للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكَلِم وخواتمه، وجوامعَه، وعلمتُ كَم خَزنةُ النار، وحَملةُ العَرْش، وتجوَّز لي ربِّي، وعُوفِيَتْ أُمَّتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دُمْتُ فيكم، فإذا ذُهِبَ بي فعليكُم بكتاب الله أَحِلُّوا حلالَه، وحرِّموا حرامَه".

فلعل الخطبة التي أشار إليها العِرْباضُ بنُ سارية في حديثه كانت بعضَ هذه الخطبة (١) أو شبيهًا بها مما يشعر بالتوديع.

* * *

[[ماذا يعني قولهم: أوصنا؟]]

• وقولهم: "فأوْصِنَا" يعنون: وصية جامعة كافية. فإنهما لما فهموا أنه مودِّع استوصَوْهُ وصيةً ينفعهم التمسك بها بعده، ويكونُ فيها كفايةٌ لمن تمسَّك بها، وسعادةٌ له في الدنيا والآخرة.

* * *

[وصيته - صلى الله عليه وسلم - بتقوى اللّه والسمعِ والطاعة]:

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوصِيكُم بتَقْوَى اللّه والسَّمْعِ والطَّاعَة".

فهاتان الكلمتان تجمعان سعادة الدنيا والآخرة.

أما التقوى فهي كافلة سعادة الدنيا والآخرة لِمَنْ تمسَّك بها، وهي وصيةُ اللّه للأوّلين والآخِرين؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (٢).

وقد سبق شرح التقوى بما فيه كفاية في شرح حديث وصيَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه - (٣).

[[السمع والطاعة]]

• " وأما السمعُ والطَّاعةُ لولاة أمورِ المسلمين، ففيها سعادةُ الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينُون على إظهار دينهم، وطاعةِ ربّهم، كما قال علي بن أبي طالب - رضي اللّه عنه -: "إنّ الناس لا يُصْلِحُهم إلا إمامٌ بَرٍّ أو فاجر. إن كان


(١) كما عند أحمد في المسند ٤/ ١٢٦.
(٢) سورة النساء: ١٣١.
(٣) في شرح الحديث الثامن عشر ص ٤٦٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>