للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جنبه يقال له: ألا تأتي هذا فتصيبَ منه؟ فيقول: لا والله لا أفعل؛ إني أخاف أن آتيه فأصيب منه؛ فيكونَ فساد قلبي وعَمَلي.

• وبُعِثَ إلى عُمَرَ بن المنكدر بمال؛ فبكى واشتد بكاؤه وقال: خشيت أن تغلبَ الدُّنْيَا على قلبي؛ فلا يكون للآخرة فيه نصيب، فذلك الذي أبكاني (١).

ثم أمَرَ بهِ فتُصُدِّقَ به على فقراء أهل المدينة.

وَخَواصُّ هؤلاءِ يَخْشى أن يشتغل بها عن الله كما قالت رابعة: ما أحِبُّ أَنَّ لِيَ الدنيا كُلَّها من أولها إلى آخرها حلالًا أنفقها في سبيل الله وأنها شغلتنى عن الله طرفة عين.

• وقال أبو سليمان: الزهدُ تركُ ما يشغلُ عن الله (٢).

وقال: كُلُّ ما يَشْغَلُكَ عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك (٣) مشُوم (٤).

وقال: (٥) أهل الزهد في الدنيا على طبقتين:

• منهم من يزهد (٦) في الدنيا فلا يُفْتَحُ له فيها رَوْحُ الآخرة.

• ومنهم من إذا زهد فيها (٧) فُتِح له فيها رَوْحُ الآخرة فليس شيءٌ أحبَّ إليه من البقاء ليطيع الله (٨).

[[الزاهد من زهد في الدنيا]]

وقال: ليس الزاهد من ألقى همومَ الدنيا واستراح منها، وإنما الزاهدُ مَنْ زَهِدَ في الدنيا، وتَعِبَ فيها للآخرة.

فالزهد في الدنيا يُرَادُ به تفريغُ القلب من الاشتغال بها؛ ليتفرغَ لطلب الله، ومعرفَتِهِ، والقرب منه، والأنْسِ به، والشوقِ إلى لقائه.


(١) م: "للآخرة مني .. الذي منه".
(٢) هذا جزء أثر أورده أبو نعيم في الحلية ٩/ ٢٥٨ من طريق أحمد بن أبي الحواري سمع أبا سليمان الداراني يقول: اختلفوا علينا في الزهد بالعراق فمنهم من قال: الزهد في ترك لقاء الناس، ومنهم من قال في ترك الشهوات، ومنهم من قال: في ترك الشبع، وكلامهم قريب بعضه من بعض، وأنا أذهب إلى أن الزهد في ترك ما يشغلك عن الله.
(٣) ليست في م، ولا في ا وهي في الحلية، ب.
(٤) م، الحلية. "مشئوم" والمشوم والمشئوم ما كان والشؤم ضد اليمين، صحاح ٥/ ١٩٥٧.
(٥) ليست في م.
(٦) في الحلية: "من ا".
(٧) في الحلية "زهد في الدنيا".
(٨) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٩/ ٢٧٤ وفي أ، د: "ليطيع" فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>