للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد (١) ذكرنا فيما تقدم (٢) حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"مَثَلُ المؤمنِينَ في تَوادِّهم وتَعَاطفهِمْ وتراحُمهم مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عُضْوٌ تَدَاعى له سائر الجسد بالحمَّى والسَّهر".

خرجاه في الصحيحين.

* * *

[[المؤمن مع المؤمن فيما يسوءه وفيما يسره]]

وهذا يدل على أن المؤمن يسوءه ما يسوءُ أخاه المؤمن، ويَحْزُنه ما يحزنه.

وحديث أنس الذي نتكلم الآن فيه يدل على أن المؤمن يسره ما يسر أخاه المؤمن، ويريد لأخيه المؤمن ما يريد لنفسه من الخير.

[[مبعث ذلك]]

وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغش والغل والحسد؛ فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه، لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم.

والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء.

وقد مدح الله تعالى في كتابه من لا يريد العلو في الأرض ولا الفساد فقال: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} (٣).

[[أثر كراهية تفوق الغير بالخير].]

وروى ابن جرير (٤) بإسناد فيه نظر عن علي - رضي الله عنه - قال:


(١) ليست في ب.
(٢) في ص ١٢٤ في شرح الحديث الثاني وهو في صحيح البخاري كتاب الأدب: باب رحمة الناس والبهائم ١٠/ ٣٦٧ وفي صحيح مسلم كتاب البر والصلة: باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم ٤/ ١٩٩٩.
كلاهما من حديث النعمان بن بشير.
(٣) سورة القصص: ٨٣.
(٤) في التفسير ٢٠/ ٧٩ وأورده ابن كثير في التفسير ٣/ ٤٠٢ عن ابن جرير ولم يضعف الحديث وإنما عقب عليه بقوله: وهذا محمول على ما إذا أراد بذلك الفخر والتطاول على غيره فإن ذلك مذموم، ثم أيد هذا بشاهد من الصحيح فقال كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنه أوحي إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>