للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[ونصح الضعفاء لله ورسوله]]

وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) يعني أن من تخلف عن الجهاد لعذر فلا حرج عليه، بشرط أن يكون ناصحا لله ورسوله (٢) في تخلفه؛ فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين ويتخلفون عن الجهاد من غير نصح الله ورسوله.

[[إخبار الرسول بأن الدين النصيحة واقتضاء النصيحة الحب]]

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الدين النصيحة: فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل عليه السلام، وسَمَّى ذلك كُلَّهُ دِينًا؛ فإن النصح لله يقتضي القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها وهو مقام الإحسان فلا يكمل النصح لله بدون ذلك، ولا يتأتى ذلك بدون كمال المحبة الواجبة والمستحبة، ويستلزم ذلك الاجتهاد في التقرب إليه بنوافل الطاعات على هذا الوجه، وترك المحرمات والمكروهات على هذا الوجه أيضًا.

• وفي مراسيل الحسن رحمه الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"أَرَأَيتُم لَو كَانَ لأحدِكُم عَبْدان، فَكَانَ أَحَدهُما يُطيعُه إذَا أَمرَهُ، ويُؤدِّي إليه إذا ائتَمنه، وَيَنصحُ له إذَا غَابَ عَنهُ، وكان الآخرُ يَعصِيه إذَا أمرهُ، وَيَخونهُ إذَا ائتمَنهُ، وَيَغُشُّهُ إذَا غَابَ عَنهُ كَانَا سَواءٌ؟ " قالوا: لا. قَالَ: "فَكَذَا كم أنتُم عِنَدَ الله عزَّ وَجَلَّ".

خرجه ابن أبي الدنيا.

وخرج الإمام أحمد معناه من حديث أبي الأحوص عن أبيه (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[[الآثار في اقتضاء النصيحة الحب]]

• وقال الفضيل بن عياض: "الحب أفضل من الخوف ألا ترى إذا كان لك عبدان أحدهما يحبك، والآخر يخافك؛ فالذي يحبك منهما ينصحك: شاهدا كنت أو غائبا؛ لحبه إياك، والذي يخافك عسى أن ينصحك إذا شهدت لما يخافه، ويغشَّك إذا


(١) سورة التوبة: ٩١.
(٢) ما بين الرقمين ليس في ب.
(٣) هو أبو مالك بن نضلة، والحديث في مسند أحمد ٤/ ١٣٦ - ١٣٧ (حلبي). وأورده الهيثمي في المجمع ١٠/ ٢٣٢ عن الطبراني في الكبير بإسنادين ورجال الأول ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>