للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مكحول والإِمام أَحمد: بر الوالدين كفارة الكبائر.

* وروي عن بعض السلف في حمل الجنائز أَنه يحط الكبائر. وروي مرفوعًا من وجوه لا تصح (١).

* وقد صح من رواية أَبي بردة: أَن أَبا موسى لما حضرته الوفاة قال: يا بني! اذكروا صاحب الرغيف: كان رَجل يتعبد في صومعة أراه سبعين سنة، فشبه الشيطان في عينه امرأة فكان معها سبعة أيام، وسبع ليال، ثم كشف عن الرجل غطاؤه، فخرج تائبًا، ثم ذكر أنه بات بين مساكين، فتُصدق عليهم برغيف رغيف، فأَعطوه رغيفًا، ففقده صاحبه الذي كان يعطاه، فلما علم بذلك أَعطاه الرغيف وأَصبح ميتا. فوزنت السبعون سنة بالسبع ليال [فرجحت الليالي، ووزن الرغيف بالسبع] (٢) ليال فرجح الرغيف (٣).

* وروى ابن المبارك بإسناده في كتاب "البر والصلة" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عبد الله رجلٌ سبعين سنة، ثم أَصاب فاحشة فأحبط الله عمله، ثم أَصابته زَمَانَةٌ وأُقْعِدَ فرأَى رجلا يتصدّق على مساكين فجاءَ إليه فأخذ منه رغيفًا فتصدق به على مسكين، فغفر الله له، ورد عليه عمل سبعين سنة.

[[هل في ذلك دلالة على تكفير الكبائر؟]]

* وهذه كلها لا دلالة فيها على تكفير الكبائر بمجرد العمل؛ لأن كل من ذكر فيها كان نادمًا تائبًا من ذنبه، وإنما كان سؤاله عن عمل صالح يتقرب به إلى الله بعد التوبة حتى يمحو به أَثر الذنوب بالكلية، فإن الله عز وجل شرط في قبول التوبة، ومغفرة الذنوب بها: العمل الصالح كقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} (٤) وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} (٥) وقوله: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (٦).


= وتذكر الصحابة رضوان الله عليهم ما أجاب به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الذي جاءه يقول إني أذنبت ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبة؟! وأشار عليه أن ببر والديه، فلما لم يكن له أبوان وكان له خالة أشار عليه أن يبرها. ونظر الصحابة إلى الصورتين فوجدوهما متماثلتين إلى حد كبير ومن هنا أجمعوا على بر الوالدين كمخرج لهذه المرأة التي جائت تائبة نادمة مستغفرة.
(١) كما أورد الهيثمي في المجمع ٣/ ٢٦ عن الطبراني في الأوسط من حديث أنس.
(٢) ما بين الرقمين ليس في ب.
(٣) رواه أبو نعيم في الحلية ١/ ٢٦٣ بسياق أتم.
(٤) سورة مريم: ٦٠.
(٥) سورة طه: ٨٢.
(٦) سورة القصص: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>