للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها الفناءَ وكتب على أهلها منها الظَّعْنَ (١)، فكم من عامر مُؤنق (٢) عن قليل (٣) يخرب! وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن! فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".

[[واجب المؤمن بالنسبة للدنيا]]

وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولا وطنًا؛ فينبغي للمؤمن (٤) أن يكون حاله فيها على أحد حالين: إما أن يكون كأنه غريب مقيم في بلد غُربةٍ همّه التزوّد للرجوع إلى وطنه، أو يكونَ كأنه مسافر غير مقيم ألبتة، بل هو ليلَه ونهارَه يسير إلى بلد الإقامة.

[[لهذا كانت وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر]]

• فلهذا وصَّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنَ عمر أن يكون في الدنيا على أحد هذين الحالين:

[[الحال الأول]]

• فأحدهما: أن ينزل المؤمنُ نفسَه كأنه غريبٌ في الدنيا فيتخيل الإقامة ولكن في بلد غُرْبة؛ فهو غير متعلق القلب ببلد الغربة، بل قلبه متعلِّقٌ بوطنه الذي يرجع إليه. وإنما هو مقيم في الدنيا ليقضي مرمَّة جهازه إلى الرجوع إلى وطنه.

[[من مأثورات السلف]]

قال الفضيل بن عياض: المؤمن في الدنيا مهمُوم حزين همه مرمة جَهَازِه ومن كان في الدنيا كذلك فلا همة له (٥) إلا في التزوّد بما ينفعه عند عوده (٦) إلى وطنه ولا (٧) ينافس أهلَ البلد الذي هو غريبٌ بينهم في عزهم، ولا يجزع من الذل عندهم.

• قال الحسن: المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها، ولا ينافِس في عزّها؛ له شأن وللناس شأن!!.


(١) الظعْن: الرحيل والسفر، وقد قوبل في القرآن بالإقامة، قال تعالى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} سورة النحل: ٨٠.
(٢) أنق أنقًا وأناقة: راع حسنه وأعجب فهو أنيق، وآنقه الشيء إيناقًا: أعجبه؛ فهو مؤنق وأنيق. راجع المعجم الوسيط ١/ ٣٠.
(٣) ب: عن "قريب" والخبر في الحلية ٥/ ٢٩٢ بسياقه مطولًا بنحوه.
(٤) ليست في "ا".
(٥) م: "فلا همّ له".
(٦) م: "العود".
(٧) م: "فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>