للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من فاته أن يراكَ يومًا … فكلُّ أوقاتِهِ فَوَاتُ

وحيثما كُنْتَ من (١) بلاد … فلي إلى وجْهكَ التِفاتُ

* * *

[[أوصاف المحبين لله]]

• ثم ذكر أوصاف الذينَ يحبُهم الله ويحبونه فقال: (أذلَّةٍ على المؤمنين)، يعني أنهم يعاملون المؤمنين بالذلة واللين، وخفض الجناح، (أعزة على الكافرين) يعني أنهما (٢) يعاملون الكافرين بالعزة والشدة عليهم والإغلاظ لهم، فلما أحبّوا الله أحبوا أولياءه الذين يحبونه، فعاملوهم بالمحبة والرأفة والرحمة، وأبغضوا أعداءه الذين يعادونه؛ فعامَلوهم بالشدة والغِلْظة؛ كما قال تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (٣)، {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} (٤) فإن من تمام المحبة مجاهدة أعداء المحبُوب.

وأيضًا فالجهادُ في سبيل الله دُعَاءٌ للمعرضين عن الله إلى الرجُوع إليه بالسَّيفِ والسِّنَانِ، بَعْدَ دُعَائِهم إليه بالحجة والبُرْهَان، فالمحبُّ لله يُحبُّ اجتلابَ الخلْقِ كُلِّهِمْ إلى بابه، فمن لم يُجِب الدعوة إليه باللين والرفق احتاج إلى الدعوة بالشدة (٥) والعنف.

"عجب ربك من قوم يقادُون إلى الجنّة بالسَّلاسل (٦) " ولا يخافون لومة لائم".


(١) م: "في".
(٢) م: "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين".
(٣) سورة الفتح: ٢٩.
(٤) سورة المائدة: ٥٤.
(٥) م: "إلى الله … الدعوة باللين … احتاج بالدعوة إلى الشدة".
(٦) هذا إشارة إلى ما أخرجه في ١٥/ ١٦٧ - ١٦٨ (المعارف) من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح كما ذكر محققه الشيخ أحمد شاكر ح ٨٠٠١ وذكر أنه سيأتي رقم ٨٠٣٦، ٨٤٤٦، ٩٢٥٣، ١٠٣٨١.
والبخاري في: ٥٦ - كتاب الجهاد: ١٤٤ - باب الأسارى في السلاسل ٦/ ١٤٥ ح ٣٠١٠ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل".
قال ابن حجر في الفتح: "المراد بكون السلاسل في أعناقهم مقيد بحالة الدنيا، فلا مانع من حمله على حقيقته، والتقدير: يدخلون الجنة وقد كانوا من قبل أن يسلموا في السلاسل".
أي فهم يقادون إلى الجنة بسبب هذا الإسلام وكأنه هو الذي قادهم إلى الجنة؛ إذ أسروا كرهًا فعرفوا الإسلام ودخلوه طوعًا؛ لأن المكره على الإسلام لا قيمة لإسلامه، ونحن منهيون عن إكراههم.
لقد أكرهوا على الأسر ثم عرضنا عليهم الإسلام وأريناهم مزاياه ومحاسنه فإذا بنا نقنعهم به، وندخلهم فيه في حالهم هذه حال الأسر الذي أكرهوا عليه.
لقد أدخلناهم فيه بعد إقناعهم فدخلوا مختارين له بيد أن حالهم وقت إدخالنا إياهم فيه هي حال المكرهين على الأسر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>