للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا همّ (١) للمحب غيرُ ما يُرْضى حبيْبَه (٢)، رضي مَنْ رَضِي عليه، وسَخِطَ مَنْ سَخط.

من خاف الملامة في هوى من يحبه؛ فليس بصادق في المحبة.

وقفَ الهوى بِي حَيْثُ أنتَ فليسَ لي … متأخَّرٌ عَنه ولا متقدَّمُ (٣)

أجدُ الملامَةَ في هَوَاكَ لذيذةً … حُبًّا لذِكْرِكَ فَلْيَلُمْنِي اللّوَّمُ


= ولعل هذا هو معنى ما ساقه ابن حجر في الموضع نفسه من طريق أبي الطفيل رفعه: رأيت ناسًا من أمتي يساقون إلى الجنة في السلاسل كرهًا. قلت: يا رسول الله! من هم؟ قال: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم في الإسلام مكرهين.
وربما يتضح هذا المعنى بما رواه البخاري في: ٦٥ - كتاب التفسير: ٧ - باب {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ٨/ ٢٢٤ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام وهو وإن كان هنا موقوفًا فهو مما لا مجال للرأي فيه، يأخذ حكم المرفوع بل هو الحديث الذي تقدم للبخاري في كتاب الجهاد، وسقناه لك قبل هذا من وجه آخر مرفوعًا.
وقد فسر ابن حجر قوله: (خير الناس للناس) بقوله: "أي خير بعض الناس لبعضهم أي أنفعهم لهم، وإنما كان ذلك لكونهم كانوا سببًا في إسلامهم".
وهذا يؤكد ما اتجهنا إليه في شرح الحديث والقياد إلى الإسلام قياد إلى الجنة؛ لأنه سبب في دخولها.
وقد أخرجه أبو داود في السنن: ٩ - كتاب الجهاد: ١٢٤ - باب في الأسير يوثق ٣/ ١٢٧ ح ٢٦٧٧.
ثم روى عقبه حديثين: أولهما عن جندب بن مكيث، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن غالب الليثي في سرية، وكنت فيهم، وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملّوح بالكديد، فخرجنا، حتى إذا كنا بالكديد لقينا الحارث بن البرصاء الليثي، فأخذناه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنما خرجت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: إن تكن مسلمًا لم يضرك رباطنا يوم وليلة، وإن تكن غير ذلك نستوثق منك، فشددناه وثاقا". وثاني الحديثين: حديث أبي هريرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال - سيد أهل اليمامة - فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ماذا عندك يا ثمامة؟ " فقال: عندي يا محمد! خير. إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان الغد، ثم قال له: "ما عندك يا ثمامة؟ "، فأعاد مثل هذا الكلام فتركه، حتى كان بعد الغد، فذكر مثل هذا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل فيه ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أو ليست هذه المعاملة الإنسانية من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن صحابته الأبرار مدخلًا كريمًا إلى الإسلام؟ أو ليس هؤلاء الذين أسلموا قد أسلموا طواعية وبالحرية الكاملة في اختيار الإسلام؟!
أو لم يكونوا قد أكرهوا على الأسر؟.
بلى! وقد دخلوا إذًا مختارين!؟.
بيد أنهم كانوا؛ حينئذ على الأسر مكرهين.! لقد أطلقهم الإسلام. بل أفضى بهم إلى دار السلام.
بل عجب ربك منهم يقادون بالإسلام إلى الجنة بعد أن اختاروه، وهم في تلك السلاسل والأغلال!!؟
(١) م: "ما للمحب".
(٢) ليست في ب.
(٣) م: "متأخر عنكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>