للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخشيت أَن يغترَّ بِه جاهل، فينهمك في الموبقات: اتكالا على أنها تكفرها الصلوات دون الندم والاستغفار والتوبة.

والله نَسأَله العصمة والتوفيق.

* * *

[[تحليل هذا الاتجاه في كلام بعض المحدثين]]

قلت: وقد وقع مثل هذا في كلام طائفة من أَهل الحديث: في الوضوء ونحوه.

ووقع مثله في كلام ابن المنذر في قيام ليلة القدر، قال: يرجى لمن قامها أَن يُغْفَر له جميعُ ذنوبه: كبيرها وصغيرها. فإن كان مرادهم أن من أَتى بفرائض الإسلام وهو مصرٌّ على الكبائر تُغْفرُ له الكبائر قطعًا؛ فهذا باطل قطعًا، يعلم بالضرورة من الدين بطلانه. وقد سبق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"من أَساءَ في الإسلام أُخِذَ بالأَول والآخِر" (١).

يعني بعمله في الجاهلية والإسلام، وهذا أَظهر من أَن يحتاج إلى بيان.

* * *

وإن أَراد هذا القائل أَن من ترك الإصرار على الكبائر وحافظ على الفرائض من غير توبة ولا ندم على ما سلف منه - كُفّرت ذُنوبُه كلها بذلك، واستدل بظاهر قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (٢).

وقال: السيئات تشمل الكبائر والصغائر، فكما أَنَّ الصَّغائرَ تكفَّر باجتناب الكبائر من غير قصد ولا نية فكذلك الكبائر.

وقد يستدل لذلك بأَن الله وعد المؤمنين والمتقين بالمغفرة وبتكفير السيئات. وهذا مذكور في غير موضع من القرآن، وقد صار هذا من المتقين. فإِنه فعل الفرائض، واجتنب الكبائر، واجتناب الكبائر لا يحتاج إلى نية وقصد؛ فهذا القول يمكن أن يقال في الجملة.

[[الصحيح في القولين]]

• والصحيح قول الجمهور: إِن الكبائر لا تُكَفَّرُ بدون التوبة؛ لأَن التوبة فرض على


(١) ص ١٧ - ١٨.
(٢) سورة النساء: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>