للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[رحمةُ الله بعباده فيما سكت عنه]:

وقوله: في الأشياء التي سكت عنها (رحمة من غير نسيان) يعني أنه إنما سكت عن ذكرها، رحمة بعباده، ورفقًا حيثُ لم يُحرِّمْها عليهم، حتى يعاقبهم على فِعلها، ولم يوجبْها عليهمْ حتى يعاقبَهُمْ على تركها، بل جعلها عفوًا، فإن فعلوها فلا حَرَجَ عليهم وإن تركوها فكذلك.

وفي حديث أبي الدرداء ثم تلا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (١) ومثل قوله عز وجل {فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} (٢).

* * *

[[فلا تبحثوا عنها]]

وقوله: "فلا تبحثوا عنها" يحتمل اختصاصُ هذا النَّهْي بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن كثرة البحث والسؤال عما لم يُذْكر قد يكون سببًا لنزول التَّشْدِيد فيه بإيجَابٍ أو تحريم.

• وحديثُ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه (٣) يدل على هذا، ويُحْتَمَلُ أن يكون النهى عامًّا.

والمروي عن سلمان من قوله (٤) يدل على ذلك، فإن كثرة البحث والسؤال عنْ حُكم ما لم يُذْكَر في الواجبات ولا في المحرَّمات قد يوجبُ اعتقادَ تحريمه أو إيجابه لمشابهته لبعض الواجبات؛ فقبُول العافية فيه، وتركُ البحث عنه، والسؤال: خير.

* * *

[هلك المتنطِّعون]:

• وقد يدخل ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هلكَ المتنطِّعون" قالها ثلاثا خرَّجه مسلم (٥)


(١) سورة مريم:٦٤ والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٧١: أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته؛ فإن الله لم يكن لينسى شيئًا ثم تلا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} " ثم قال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الكبير وإسناده حسن ورجاله موثقون.
(٢) سورة طه: ٥٢.
(٣) مضى: ٨٣٥.
(٤) مضى ص:٨١٨.
(٥) رواه مسلم في كتاب العلم: باب هلك المتنطعون ٤/ ٤/ ٢٠٥٥.
وأبو داود في كتاب السنة: باب لزوم السنة ٤/ ٢٨١ وفي ظ: خرجه أبو داود إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>