للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا محمول على الظالم، فأما المظلوم فينفعه ذلك.

* * *

[[واقعة تطبيقية]]

• وقد خرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعنا وائل بن حُجْر فأخذه عَدُوٌّ له، فتحرَّج الناس أن يحلفوا؛ فحلفت أنا أنه أخي؛ فخُلِّى سبيله فأتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته أن القوم تحرَّجوا أن يحلفوا وحلفت (١) أنا أنه أخي فقال: "صدَقْتَ؛ الْمسلِمُ أخُو المسْلِمِ" (٢).

[[النية في الطلاق والعتاق]]

• وكذلك تدخل النية في الطلاق والعتاق فإذا أتى بلفظ من ألفاظ الكنايات المحتملة


= فأما إذا حلف بغير استحلاف القاضي وورّى تنفعه التورية ولا يحنث: سواءً حلف ابتداء من غير تحليف أو حلّفَه غيرُ القاضي وغير نائبه في ذلك ولا اعتبار بنية المستحلف غير القاضي. وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فتكون عليه نية المستحلف، وهو مراد الحديث. أما إذا حلف عند القاضي من غير استحلاف القاضي في دعوى فالاعتبار بنية الحالف وسواء في هذا كله اليمين بالله تعالى أو بالطلاق والعتاق إلا أنه إذا حلفه القاضي بالطلاق أو بالعتاق تنفعه التورية ويكون الاعتبار بنية الحالف؛ لأن القاضي ليس له التحليف بالطلاق والعتاق وإنما يستحلف بالله تعالى. واعلم أن التورية وإن كان لا يحنث بها فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق مستحق وهذا مجمع عليه هذا تفصيل مذهب الشافعي وأصحابه. ونقل القاضي عياض عن مالك وأصحابه في ذلك اختلافًا وتفصيلا فقال: لا خلاف بين العلماء أن الحالف من غير استحلاف ومن غير تعلق حق بيمينه له نيته ويقبل قوله، وأما إذا حلف لغيره في حق أو وثيقة متبرعًا أو بقضاء عليه فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه سواء حلف متبرعًا باليمين أو باستحلاف، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فقيل اليمين على نية المحلوف له وقيل على نية الحالف وقيل إن كان مستحلفًا فعلى نية المحلوف له وإن كان متبرعًا باليمين فعلى نية الحالف وهذا قول عبد الملك وسحنون وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم، وقيل عكسه وهي رواية يحيى عن ابن القاسم وقيل: تنفعه نيته فيما لا يقضى به عليه ويفترق التبرع وغيره فيما يقضى به عليه وهذا مروي عن ابن القاسم أيضًا، وحكى عن مالك أن ما كان من ذلك على وجه المكر والخديعة فهو فيه آثم حانث وما كان على وجه العذر فلا بأس به.
وقال ابن حبيب عن مالك: ما كان على وجه المكر والخديعة فله نيته وما كان في حق فهو على نية المحلوف له. قال القاضي: ولا خلاف في إثم الحالف بما يقع به حق غيره وإن ورّى والله أعلم.
(١) في هـ، م: "فحلفت".
(٢) سنن ابن ماجه في كتاب الكفارات ١٠ "باب من ورَّى في يمينه ١/ ٦٨٥، وهذا لفظه ومسند أحمد ٤/ ٧٩ بإسناد رجاله ثقات وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "أنت كنت أبرهم وأصدقهم صدقت .. ".
وانظر الفتح الرباني ١٤/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>