للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد يكون المراد بالبرّ: معاملةَ الخلق بالإحسان، بالتقوى: معاملة الحق؛ بفعل طاعته، واجتناب محرماته.

* * *

وقد يكونُ أريدَ بالبر فعلُ الواجبات، وبالتقوى اجتنابُ المحرمات.

وقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١) قد يراد بالإثم: المعاصي، وبالعدوان: ظلم الخلق، وقد يراد بالإثم ما هو محرَّمٌ في نفسه كالزنا والسرقة، وشُرْبِ الخمر، وبالعدوان تجاوزُ ما أُذِن فيه إلى ما نُهِي عنه، مما جنسه مأذونٌ فيه كقتل من أُبيح قتله لقِصاص، ومن لا يباح، وأخذ زيادة على الواجب من الناس في الزكاة ونحوها، ومجاوزة الحدّ الذي أُمِرَ به (٢) في الحدود، ونحو ذلك.

* * *

[[المعنى الثاني للبر]]

• والمعنى الثاني من معنى البر: أن يُرادَ به فعلُ جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (٣).

• وقد روي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الإيمان فتلا هذهِ الآية (٤).

[[اتساع هذا المعنى للبر]]

• فالبرّ بهذا المعنى يَدْخلُ فيه جميعُ الطاعاتِ الباطنةِ كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والطاعات الظاهرة كإنفاق الأمْوَالِ فيما يحبُه الله، وإقامِ الصلاة،


(١) سورة المائدة: ٢.
(٢) "ا": ومجاوزة الجلد م: "في الذي وصى".
(٣) سورة البقرة: ١٧٧.
(٤) أخرجه عبد الرزاق من طريق مجاهد أن أبا ذر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان فتلا عليه {لَيْسَ الْبِرَّ} إلى آخرها ورجاله ثقات، كما أفاده ابن حجر في الفتح ١/ ٤٨.
وقد عنون البخاري بمضمونه لأحد أبواب الإيمان وذكر ابن حجر في الموضع المذكور أن البخاري لم يسق الحديث؛ لأنه ليس على شرطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>