للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحن متوكلون فيحجون فيأتون مكة فيسألون الناس، فأَنزل اللّه هذه الآية: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (١).

• وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والنخعي، وغير واحد من السلف، فلا يرخص في ترك السبب بالكلية إلا لمن انقطع قلبه عن الاستشراف إلى المخلوقين بالكلية؛ وقد روي عن أحمد أنه سئل عن التوكل فقال: قَطعُ الاستشراف باليأس من الخلق. فسئل عن الحجة في ذلك، فقال: قول إبراهيم عليه السلام لما عرض له جبريل وهو يُرْمَى في النار، فقال له: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا (٢).

[[الكسب أفضل]]

وظاهر كلام أحمد: أن الكسب أفضلُ بكل حال، فإنه سُئِل عمن يقعد ولا يكتسب ويقول: توكلتُ على اللّه فقال: ينبغي للناس كلِّهم؛ يتوكلّون على اللّه، ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب.

• وروى الخلال بإسناده عن الفضيل بن عياض: أنه قيل له: لو أن رجلًا قعد في بيته زعم أنَّه يثق باللّه؛ فيأتيه برزقه؟ قال: إذا وثق باللّه حتى يعلم منه أنه قد وثق به لم يمنعه شيء أراده، لكن لم يفعل هذا الأنبياء، ولا غيرهم.

وقد كانت الأنبياء يؤجرون أنفسهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤجّر نفسه، وأبو بكر، وعمر ولم يقولوا: نقعد، حتى يرزقنا اللّه عز وجل.

• وقال اللّه عز وجل: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (٣) ولابد من طلب المعيشة.


(١) الآية: ٩٧، من سورة البقرة.
وانظر في خبر ابن عباس أسباب النزول للواحدي ص ٥٥ وصحيح البخاري ح ١٥٢٣.
(٢) هذا أثر لا أصل له، بل هو موضوع، وهو مروي عن كعب الأحبار، أن إبراهيم عليه السلام لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل فقال: يا إبراهيم! ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل: "فسل ربك" فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه حديث موضوع.
وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ح ٢١ وتنزيه الشريعة ١/ ٢٥٠ وقد أفاض الشيخ في نقد هذا المتن من حيث موضوعه، ومن حيث ثبوته. وصحيح البخاري: كتاب التفسير: باب {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية وفيه حديث ابن عباس: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: (حسبي الله ونعم الوكيل) ٨/ ٢٢٩ ح ٤٥٦٤.
(٣) سورة الجمعة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>