للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[من دعائه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك]]

وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: "أَسأَلك كلمة الحى في الغضب والرضا" (١).

وهذا عزيز جدًّا، وهو أَن الإنسان لا يقول سوى الحق، سواءٌ غضب أَو رَضِي؛ فإن أَكثر الناس إِذا غضب لا يتوقف فيما يقول.


= ثم ذكر رواية ابن شبة لها في تاريخ المدينة المنورة ١/ ١٨ وأفاد أن إسنادها جيد.
وانظر ما رواه البيهقي في السنن: كتاب الصلاة: باب ما جاء في حك النخاعة عن القبلة ٢/ ٢٩٣.
وأحمد في المسند ٦/ ٣١٦ (العارف) بإسناد صحيح مختصرًا والدارمي في السنن: كتاب الصلاة: باب كراهية البزاق في المسجد ٢/ ٣٢٤ - ٣٢٥ وابن ماجه في السنن: المساجد والجماعات: باب كراهية النخامة في المسجد ١/ ٢٥١ من حديثي أنس وابن عمر.
وانظر ما رواه ابن شبة في تاريخ المدينة ١/ ١٨ - ٢٩.
وفي تأويل قوله: "فإن الله قبل وجهه" قيل: تأويله: أن القبلة التي أمر الله عز رجل بالتوجه إليها للصلاة قبل وجه؛ فليصنها عن النخامة وفيه إضمار وحذف واختصار، كقوله تعالى: {واسأل القرية} يريد أهل القرية، ومثله في الكلام كثير.
وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قيل: بيت الله، وكعبة الله في نحو ذلك من الكلام".
وقال الخطابي: "معناه أن توجهه إلى القبلة مفضٍ بالقصد منه إلى ربه، فصار في التقدير كأن مقصوده بينه وبين قبلته، فأمر أن تصان تلك الجهة عن البصاق ونحوه من أثقال البدن".
(١) هذا جزء حديث طويل أخرجه النَّسَائِي في السنن: كتاب السهو باب الدعاء بعد الذكر - نوع منه ٣/ ٥٤ - ٥٥ من حديث عطاء بن السائب عن أبيه قال: صلى بنا عمار بن ياسر صلاة فأوجز فيها، فقال له بعض القوم لقد خففت أو أوجزت الصلاة؟ فقال: أما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قام تبعه رجل من القوم هو أبيّ غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فأخبر به القوم: اللهم! بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خير لي اللهم! وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة اللهم! زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين".
ورواه النَّسَائِي عقب هذا من حديث أبي مجلز عن قيس بن عباد قال:
صلى عمار بن ياسر بالقوم صلاة فأخفها فكأنهم أنكروها فقال: ألم أتمَّ الركوع والسجود؟ قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو به: "اللهم بعلمك الغيب وساق نحوه وفيه وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الإخلاص في الرضا والغضب … الحديث فهل هذه الرواية تفسير لتلك؟ وتكون كلمة الحق هي كلمة الإخلاص أم أنه لا تنافي بين هذا وبين ما ذكره ابن رجب على أساس أنه لا يدفع إلى كلمة الحق شيء قدر الإخلاص للحقيقة وإظهار الحق ابتغاء وجه الحق وحده.
على أية حال فقد أفادت الرواية الثانية فضلًا عن هذا أن إيجاز عمار في صلاته أو تخفيفه إياها لم يكن على حساب تمام أركانها وشرائطها، وأن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يستثقلون طول الصلاة كسمة عامة، بل لعلهم كانوا يستغربون إيجازها في بعض الأحْيان، كما رأيناهم مع عمار رضي الله عنهم أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>