للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" (١).

* * *

[[النية والأيمان]]

• ومما تدخل النية فيه من أبواب العلم مسائل الأيْمَانِ؛ فَلغو اليمين لا كفارة فيه، وهو ما جرى على (٢) اللسان من غير قصد بالقلب إليه؛ كقوله: لا والله، وبلى والله، في أثناء الكلام، قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٣).

وكذلك يُرجَعُ في الأَيْمانِ إلى نية الحالف، وما قَصدَ بيمينه؛ فإن حلف بطلاق أو عتاق ثم ادعى أنه نوى ما يخالف ظاهِرَ لفظه فإنه يُديَّن فيما بينه وبين الله عز وجل.

وهل يقبل منه في ظاهر الحكم؟

فيه قولان للعلماء مشهوران.

وهما روايتان عن أحمد.

• وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه رُفِعَ إليه رجل قالت له امرأته: شَبِّهني قال: كأنك ظبية، كأنك حمامة!؟ فقالت: لا أرْضى حتى تقول أنت خلية طالق، فقال ذلك، فقال عمر: رضي الله عنه "خذ بيدها فهي امرأتك".

خرجه أبو عبيد، وقال: "أراد الناقة تكون معقولة ثم تُطْلَق من عقالها، وَيُخَلَّى عنها؛ فهي خليَّة من العقال، وهي طالق؛ لأنها قد طَلَقَتْ (٤) منه؛ فأراد الرجل ذلك؛ فأسقط عنه عمر الطلاق لنيّته.

قال: وهذا أصل لكل من تكلَّم بشيء يشبه لفظَ الطلاق والعتاق وهو ينوي غيره أن القول فيه قوله فيما بينه وبين الله عز وجل -في الحكم- على تأويل مذهب عمر رضي الله عنه".

* * *


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣١٨، ٣٦٦ (الحلبي) والبيهقي في السن الكبرى كتاب الحج: باب الإيضاع في بطن محسر ٥/ ١٢٥ كلاهما من حديث سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر. وكذا أخرجه مسلم ٢/ ٩٤٣ - ٩٤٤، بنحوه.
(٢) في أ: "عليه".
(٣) سورة البقرة ٢٢٥ وفي م: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} سورة المائدة ٨٩.
(٤) راجع الأثر وتعليق الخطابي ثم الزمخشري عليه في الغريب ٢/ ٩٩ والفائق ١/ ٣٩٩،

<<  <  ج: ص:  >  >>